صفحة جزء
وإذا قيل لهم لا تفسدوا في الأرض قالوا إنما نحن مصلحون ألا إنهم هم المفسدون ولكن لا يشعرون

(11) أي: إذا نهي هؤلاء المنافقون عن الإفساد في الأرض، وهو العمل بالكفر والمعاصي، ومنه إظهار سرائر المؤمنين لعدوهم وموالاتهم للكافرين قالوا إنما نحن مصلحون فجمعوا بين العمل بالفساد في الأرض، وإظهارهم أنه ليس بإفساد، [ ص: 41 ] بل هو إصلاح، قلبا للحقائق، وجمعا بين فعل الباطل واعتقاده حقا، وهذا أعظم جناية ممن يعمل بالمعصية، مع اعتقاد أنها معصية فهذا أقرب للسلامة، وأرجى لرجوعه.

ولما كان في قولهم: إنما نحن مصلحون حصر للإصلاح في جانبهم - وفي ضمنه أن المؤمنين ليسوا من أهل الإصلاح - قلب الله عليهم دعواهم بقوله:

(12) ألا إنهم هم المفسدون فإنه لا أعظم فسادا ممن كفر بآيات الله، وصد عن سبيل الله، وخادع الله وأولياءه، ووالى المحاربين لله ورسوله، وزعم مع ذلك أن هذا إصلاح، فهل بعد هذا الفساد فساد؟ !! ولكن لا يعلمون علما ينفعهم، وإن كانوا قد علموا بذلك علما تقوم به عليهم حجة الله، وإنما كان العمل بالمعاصي في الأرض إفسادا، لأنه يتضمن فساد ما على وجه الأرض من الحبوب والثمار والأشجار والنبات، بما يحصل فيها من الآفات بسبب المعاصي، ولأن الإصلاح في الأرض أن تعمر بطاعة الله والإيمان به، لهذا خلق الله الخلق، وأسكنهم في الأرض، وأدر لهم الأرزاق، ليستعينوا بها على طاعته وعبادته ، فإذا عمل فيها بضده، كان سعيا فيها بالفساد فيها، وإخرابا لها عما خلقت له.

التالي السابق


الخدمات العلمية