1. الرئيسية
  2. تفسير السعدي
  3. تفسير سورة الرعد
  4. تفسير قوله تعالى له دعوة الحق والذين يدعون من دونه لا يستجيبون لهم بشيء إلا كباسط كفيه إلى الماء
صفحة جزء
له دعوة الحق والذين يدعون من دونه لا يستجيبون لهم بشيء إلا كباسط كفيه إلى الماء ليبلغ فاه وما هو ببالغه وما دعاء الكافرين إلا في ضلال

(14 ) أي : لله وحده دعوة الحق : وهي : عبادته وحده لا شريك له ، [ ص: 826 ] وإخلاص دعاء العبادة ودعاء المسألة له تعالى ، أي : هو الذي ينبغي أن يصرف له الدعاء ، والخوف ، والرجاء ، والحب ، والرغبة ، والرهبة ، والإنابة; لأن ألوهيته هي الحق ، وألوهية غيره باطلة . فـ الذين يدعون من دونه : من الأوثان والأنداد التي جعلوها شركاء لله ، لا يستجيبون لهم ؛ أي : لمن يدعوها ويعبدها بشيء قليل ولا كثير ، لا من أمور الدنيا ولا من أمور الآخرة . إلا كباسط كفيه إلى الماء : الذي لا تناله كفاه لبعده ؛ ليبلغ : ببسط كفيه إلى الماء فاه ؛ فإنه عطشان ، ومن شدة عطشه يتناول بيده ويبسطها إلى الماء الممتنع وصولها إليه ، فلا يصل إليه ؛ كذلك الكفار الذين يدعون معه آلهة لا يستجيبون لهم بشيء ولا ينفعونهم في أشد الأوقات إليهم حاجة لأنهم فقراء ؛ كما أن من دعوهم فقراء ، لا يملكون مثقال ذرة في السماوات ولا في الأرض وما لهم فيهما من شرك وما له منهم من ظهير ، وما دعاء الكافرين إلا في ضلال : لبطلان ما يدعون من دون الله ، فبطلت عبادتهم ودعاؤهم; لأن الوسيلة تبطل ببطلان غايتها ، ولما كان الله تعالى هو الملك الحق المبين ، كانت عبادته حقا متصلة النفع لصاحبها في الدنيا والآخرة .

وتشبيه دعاء الكافرين لغير الله بالذي يبسط كفيه إلى الماء ليبلغ فاه من أحسن الأمثلة; فإن ذلك تشبيه بأمر محال ، فكما أن هذا محال ، فالمشبه به محال ، والتعليق على المحال من أبلغ ما يكون في نفي الشيء كما قال تعالى : إن الذين كذبوا بآياتنا واستكبروا عنها لا تفتح لهم أبواب السماء ولا يدخلون الجنة حتى يلج الجمل في سم الخياط

التالي السابق


الخدمات العلمية