صفحة جزء
فصل سن فورا لمن فاته شيء من رمضان ( تتابع قضاء رمضان ) نصا وفاقا مسارعة لبراءة ذمته ولا بأس أن يفرق قاله البخاري عن ابن عباس لقوله تعالى : { فعدة من أيام أخر } وعن ابن عمر مرفوعا { قضاء رمضان إن شاء فرق و إن شاء تابع } رواه الدارقطني ولأن وقته موسع وإنما لزم التتابع في الصوم أداء لمقيم لا عذر له : للفور ، وتعين الوقت ، لا لوجوب التتابع في نفسه ( إلا إذا بقي من شعبان قدر ما عليه ) من الأيام التي فاتته من رمضان ( فيجب ) التتابع لضيق الوقت كأداء رمضان في حق من لا عذر له ( ومن فاته رمضان ) كله ( قضى عدد أيامه ) تاما كان أو ناقصا كأعداد الصلوات الفائتة ، فمن فاته رمضان فصام من أول الشهر ، أو أثنائه تسعة وعشرين يوما وكان الفائت ناقصا أجزأه عنه اعتبارا بعدد الأيام للآية ( و يقدم ) قضاء رمضان وجوبا ( على ) صوم ( نذر لا يخاف فوته ) لسعة وقته لتأكد القضاء ، لوجوبه بأصل الشرع فإن خاف فوت النذر قدمه لاتساع وقت القضاء ( وحرم تطوع قبله ) أي : قضاء رمضان ( ولا يصح ) نصا للخبر ، مع أنه ضعيف نقل حنبل : أنه لا يجوز ، بل يبدأ بالفرض ، حتى يقضيه وإن كان عليه نذر صامه يعني بعد الفرض .

قال في الشرح ( و ) حرم ( تأخيره ) أي : قضاء رمضان ( إلى ) رمضان ( آخر ، بلا عذر ) نصا واحتج بقول عائشة { ما كنت أقضي ما علي من رمضان إلا في شعبان ، لمكان رسول الله صلى الله عليه وسلم } . وكما لا تؤخر الصلاة الأولى إلى الثانية ( فإن أخر ) قضاءه إلى آخر بلا عذر ( قضى ) عدد ما عليه ( وأطعم ) لتأخيره ( ويجزئ ) إطعام قبله أي : القضاء وبعده ومعه لقول ابن عباس " فإذا قضى أطعم " رواه سعيد بإسناد جيد قال المجد : الأفضل عندنا تقديمه ، مسارعة إلى الخير وتخلصا من آفات التأخير ( مسكينا لكل يوم ) أخره إلى رمضان آخر ( ما ) أي : طعاما ( يجزئ في كفارة [ ص: 491 ] وجوبا ) رواه سعيد بإسناد جيد عن ابن عباس والدارقطني عن أبي هريرة وقال : إسناده صحيح .

وذكره غيره عن جماعة من الصحابة ( و ) إن أخر القضاء إلى آخر ( لعذر من سفر أو مرض ) ( قضى فقط ) أي : بلا إطعام لأنه غير مفرط وإن أخر البعض لعذر ، والبعض لغيره فلكل حكمه ( ولا شيء عليه ) أي : من أخر القضاء لعذر ( إن مات ) نصا لأنه حق لله تعالى وجب بالشرع ، مات قبل إمكان فعله فسقط إلى غير بدل كالحج .

( و ) إن أخره ( لغيره ) أي : لغير عذر ( فمات قبل ) أن يدركه رمضان آخر أطعم عنه لكل يوم مسكينا ، بلا قضاء رواه الترمذي عن ابن عمر مرفوعا بإسناد ضعيف وقال : الصحيح عن ابن عمر موقوفا وسئلت عائشة عن القضاء فقالت { لا ، بل يطعم } ، رواه سعيد بإسناد جيد وكذا .

قال ابن عباس ( أو ) مات ( بعد أن أدركه رمضان فأكثر أطعم عنه لكل يوم مسكينا فقط ) أي : بلا قضاء لأن الصوم الواجب بأصل الشرع لا تدخله النيابة حال الحياة فبعد الموت كذلك كالصلاة ، ولا يلزم عن كل يوم أكثر من إطعام مسكين ، ولو مضت رمضانات كثيرة .

( ومن مات وعليه نذر صوم في الذمة ، أو ) عليه نذر ( حج ) في الذمة ( أو ) عليه نذر ( صلاة ) في الذمة ( أو ) نذر ( طواف ) في الذمة ( أو ) نذر ( اعتكاف ) في الذمة نصا ( لم يفعل منه ) أي : ما ذكر ( شيئا مع إمكان ) فعل منذور ، بأن مضى ما يتسع لفعله قبل موته ، وإلا تبينا أن مقدار ما بقي منها صادف نذره حالة موته ، وهو يمنع الثبوت في ذمته كما لو نذر صوم شهر معين ومات قبله ( غير حج ) فيفعل عنه مطلقا ، تمكن منه أو لا ، جواز النيابة فيه حال الحياة ، فبعد الموت أولى .

( سن لوليه ) أي : الميت ( فعله ) أي : النذر المذكور لحديث ابن عباس { أن امرأة قالت : يا رسول الله ، إن أمي ماتت وعليها صوم نذر ، أفأصوم عنها ؟ فقال : أفرأيت لو كان على أمك دين ، فقضيتيه عنها أكان ذلك يؤدي عنها ؟ قالت : نعم قال : فصومي عن أمك } متفق عليه وفي الباب غيره وما رواه مالك في الموطأ أنه بلغه عن ابن عمر أنه قال : لا يصوم أحد عن أحد ، ولا يصلي أحد عن أحد " فيحمل على غير النذر ; للنصوص الصحيحة الصريحة في النذر والنيابة تدخل في العبادة بحسب خفتها والنذر [ ص: 492 ] أخف حكما لأنه لم يجب بأصل الشرع .

التالي السابق


الخدمات العلمية