صفحة جزء
باب صوم التطوع وما يتعلق به ( وأفضله ) أي صوم التطوع صوم ( يوم و ) فطر ( يوم ) نصا لقوله صلى الله عليه وسلم لابن عمرو { صم يوما وأفطر يوما فذلك صيام داود ، وهو أفضل الصيام قلت : فإني أطيق أفضل من ذلك فقال : لا أفضل من ذلك } متفق عليه ( وسن ) صوم ( ثلاثة ) أيام ( من كل شهر ) لقوله صلى الله عليه وسلم لعبد الله بن عمرو { صم من الشهر ثلاثة أيام فإن الحسنة بعشر أمثالها وذلك مثل صيام الدهر } متفق عليه ( وأيام ) الليالي ( البيض أفضل وهي ثلاث عشرة وأربع عشرة وخمس [ ص: 493 ] عشرة ) لحديث أبي ذر { يا أبا ذر إذا صمت من الشهر ثلاثة أيام فصم ثلاثة عشر وأربعة عشر وخمسة عشر } .

رواه أحمد والنسائي والترمذي وحسنه وسميت لياليها بالبيض : لبياض ليلها كله بالقمر ( و ) سن صوم يوم ( الاثنين و ) يوم ( الخميس ) لأنه صلى الله عليه وسلم كان يصومهما فسئل عن ذلك ؟ فقال : { إن أعمال الناس تعرض يوم الاثنين والخميس } رواه أبو داود عن أسامة بن زيد .

وفي لفظ { وأحب أن يعرض عملي وأنا صائم } ( و ) سن صوم ( ستة من شوال ، والأولى تتابعها ، و ) كونها ( عقب العيد وصائمها مع رمضان كأنما صام الدهر ) لحديث أبي أيوب مرفوعا { من صام رمضان وأتبعه ستا من شوال فكأنما صام الدهر } رواه أبو داود والترمذي وحسنه .

قال أحمد : هو من ثلاثة أوجه عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا يجري مجرى التقديم لرمضان لأن يوم العيد فاصل ولسعيد عن ثوبان مرفوعا { من صام رمضان شهرا بعشرة أشهر ، وصام ستة أيام بعد الفطر ، وذلك سنة ، أي : الحسنة بعشر أمثالها فالشهر بعشرة أشهر والستة بستين يوما وذلك سنة } والمراد بالخبر الأول : التشبيه بصوم الدهر في حصول العبادة به على وجه لا مشقة فيه كحديث { من صام ثلاثة أيام من كل شهر } مع أن ذلك لا يكره بل يستحب وتحصل فضيلتها متتابعة ومتفرقة .

( و ) سن ( صوم ) شهر الله ( المحرم ) لحديث { أفضل الصلاة بعد المكتوبة جوف الليل ، وأفضل الصيام بعد شهر رمضان شهر الله المحرم } رواه مسلم ، وغيره من حديث أبي هريرة ولعله صلى الله عليه وسلم لم يكثر الصوم فيه لعذر ، أو لم يعلم فضله إلا آخرا .

قال ابن الأثير : إضافته إلى الله تعالى تعظيما وتفخيما كقولهم : بيت الله وآل الله ، لقريش ( وآكده ) وعبارة بعضهم : أفضله ( العاشر ) ويسمى عاشوراء وينبغي التوسعة فيه على العيال قاله في المبدع ( وهو ) أي : صوم عاشوراء ( كفارة سنة ) لحديث { إني لأحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله } ( ثم ) يلي عاشوراء في الآكدية ( التاسع ) ويسمى تاسوعاء لحديث ابن عباس مرفوعا { لئن بقيت إلى قابل لأصومن التاسع والعاشر } رواه الخلال واحتج به أحمد .

( و ) يسن صوم ( عشر ذي الحجة ) أي : [ ص: 494 ] التسعة الأول منه لحديث { ما من أيام العمل الصالح فيهن أحب إلى الله تعالى من هذه الأيام العشر } ( وآكده يوم عرفة وهو ) أي : صومه ( كفارة سنتين ) لحديث مسلم عن أبي قتادة مرفوعا في صومه { إني لأحتسب على الله تعالى أن يكفر السنة التي قبله والسنة التي بعده } قال في الفروع : والمراد الصغائر حكاه في شرح مسلم عن العلماء فإن لم تكن صغائر رجي التخفيف من الكبائر فإن لم تكن رفعت الدرجات ( ولا يسن ) صوم يوم عرفة ( لمن بها ) أي : بعرفة لحديث أبي هريرة مرفوعا { نهى صلى الله عليه وسلم عن صيام يوم عرفة بعرفة } رواه أبو داود ، ولأنه يضعفه ويمنعه الدعاء فيه في ذلك الموقف الشريف ( إلا لمتمتع وقارن عدما الهدي ) فيستحب أن يجعلا آخر صيام الثلاثة في الحج يوم عرفة ويأتي .

( ثم ) يلي يوم عرفة في الآكدية يوم ( التروية ) وهو ثامن ذي الحجة لحديث { صوم يوم التروية كفارة سنة } الحديث رواه أبو الشيخ في الثواب وابن النجار عن ابن عباس مرفوعا ( وكره إفراد رجب ) بصوم .

قال أحمد : من كان يصوم السنة صامه وإلا فلا يصمه متواليا بل يفطر فيه ولا يشبهه برمضان ا هـ . لما روى أحمد عن خرشة بن الحر قال " رأيت عمر يضرب أكف المترجبين ، حتى يضعوها في الطعام ويقول : كلوا ، فإنما هو شهر كانت تعظمه الجاهلية " وبإسناده عن ابن عمر " أنه كان إذا رأى الناس وما يعدونه لرجب كرهه وقال " صوموا منه وأفطروا " ولا يكره إفراد شهر غيره .

( و ) كره إفراد يوم ( الجمعة ) بصوم لحديث أبي هريرة مرفوعا { لا يصومن أحدكم يوم الجمعة إلا أن يصوم يوما قبله أو يوما بعده } متفق عليه .

( و ) كره إفراد يوم ( السبت بصوم ) لحديث { لا تصوموا يوم السبت إلا فيما افترض عليكم } حسنه الترمذي ، فإن صام معه غيره لم يكره لحديث أبي هريرة وجويرية قال في الكافي : فإن صامهما أي : الجمعة والسبت معا لم يكره لحديث أبي هريرة .

( و ) كره ( صوم يوم الشك ، وهو الثلاثون من شعبان ، إذا لم يكن حين الترائي علة ) من نحو غيم أو قتر لأحاديث النهي عنه ( إلا أن يوافق ) يوم الجمعة أو السبت أو الشك ( عادة ، أو يصله ) أي : يوم الشك ( بصيام قبله ) ويتقدم عن رمضان بأكثر من يومين فلا يكره نصا لظاهر خبر أبي هريرة [ ص: 495 ] { لا يتقدمن أحدكم رمضان بصوم يوم أو يومين ، إلا رجل كان يصوم صوما فليصمه } أو يكون صومه ( قضاء ) عن رمضان ( أو ) يكون ( نذرا ) فيصومه لوجوبه ، ومثله صومه عن كفارة .

( و ) كره صوم يوم ( النيروز والمهرجان ) هما عيدان للكفار ( و ) صوم ( كل عيد للكفار أو يوم يفردونه بتعظيم ) قياسا على يوم السبت ، ما لم يوافق عادة أو يصمه عن قضاء رمضان ، أو نذر ونحوه .

( و ) كره ( تقدم ) صوم ( رمضان بصوم يوم أو يومين ) لا بأكثر لحديث أبي هريرة .

( و ) كره ( وصال ) بأن لا يفطر بين اليومين فأكثر ( إلا من النبي صلى الله عليه وسلم ) لحديث ابن عمر { واصل النبي صلى الله عليه وسلم في رمضان فواصل الناس فنهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الوصال فقالوا : إنك تواصل قال : إني لست مثلكم إني أطعم وأسقى } متفق عليه ولم يحرم لأن النهي وقع رفقا ورحمة و ( لا ) يكره الوصال ( إلى السحر ) لحديث أبي سعيد مرفوعا { فأيكم أراد أن يواصل فليواصل إلى السحر } رواه البخاري ( وتركه ) أي : الوصال إلى السحر ( أولى ) من فعله لفوات فضيلة تعجيل الفطر .

( ولا يصح صوم أيام التشريق ) لحديث { وأيام منى أيام أكل وشرب } رواه مسلم مختصرا ( إلا عن دم متعة أو قران ) لمن عدمه فيصح صومها عنه لقول ابن عمر وعائشة " لم يرخص في أيام التشريق أن يصمن إلا لمن لم يجد الهدي " رواه البخاري ( ولا ) يصح صوم ( يوم عيد مطلقا ) لا فرضا ولا نفلا ( ويحرم ) صومه لحديث أبي هريرة مرفوعا { نهي عن صوم يومين يوم فطر ويوم أضحى } متفق عليه ولا يكره صوم الدهر إن لم يترك به حقا ولا يخاف منه ضررا ، ولا صام أيام النهي

التالي السابق


الخدمات العلمية