صفحة جزء
( وشروطه ) أي التيمم الزائدة على شروط مبدله ( ثلاثة ) أحدها ( دخول وقت الصلاة ) يريد التيمم لها ( ولو ) كانت ( منذورة ب ) زمن ( معين ) كمن نذر صلاة ركعتين بعد الزوال بعشر درج مثلا ( فلا يصح ) التيمم لهذه قبل الوقت المذكور . ولا ( ل ) صلاة ( حاضرة ) أي مؤداة ( ولا ) لصلاة ( عيد ما لم يدخل وقتهما .

ولا ل ) فريضة ( فائتة إلا إذا ذكرها وأراد فعلها ، ولا ل ) صلاة ( كسوف قبل وجوده ) أي الكسوف ( ولا ل ) صلاة ( استسقاء ما لم يجتمعوا ) أي الناس لها ( ولا ل ) صلاة ( جنازة إلا إذا غسل الميت ) إن أمكن ( أو يمم لعذر ) ويعاني بها . فيقال : شخص لا يصح تيممه قبل تيمم غيره ، وهي هذه الصورة من نحو تقطع أو عدم ماء ( ولا ل ) صلاة ( نفل وقت نهي عنها لأنها طهارة ضرورة ، فتقيد بالوقت كطهارة المستحاضة ; ولأنه قبل الوقت مستغنى عنه . فأشبه التيمم بلا عذر .

الشرط ( الثاني : تعذر ) استعمال ( الماء لعدمه ) أي الماء ( ولو بحبس ) للماء ، بأن يوضع في مكان لا يقدر على الوصول إليه أو يعجز الشخص عن الخروج في طلبه ( أو ) كان عدم الماء بسبب ( قطع عدو ماء بلده أو ) بسبب ( عجز عن تناوله ) أي الماء من بئر ونحوه ، لعموم [ ص: 91 ] قوله تعالى { : فلم تجدوا ماء فتيمموا } وقوله صلى الله عليه وسلم : { إن الصعيد الطيب طهور المسلم وإن لم يجد الماء عشر سنين . فإن وجد الماء فليمسه بشرته ، فإن ذلك خير } .

قال الترمذي : حسن صحيح وهذا عام في السفر والحضر الطويل والقصير . ولأنه عادم للماء أشبه المسافر . فأما للآية فلعل ذكر السفر فيها خرج مخرج الغالب ، كذكره في الرهن . فلا يكون مفهومه معتبرا ( ولو بفم لفقد آلة ) كمقطوع يدين ، وصحيح عدم ما يستقي به من نحو بئر كحبل ودلو ، أو يداه نجستان والماء قليل .

فإن قدر على تناوله بنحو فم أو على غمس أعضائه بماء كثير ، لزمه لأنه فرضه ( أو ) تعذر الماء مع وجوده ( ل ) عارض من ( مرض ) يعجز معه عن الوضوء بنفسه ( مع عدم موضئ ) له ، أو من يصب الماء مع عجزه عنه ( أو ) غيبته عنه مع ( خوفه فوت الوقت بانتظاره ) أي الموضئ أو الصاب ( أو خوفه ) أي المريض القادر على الوضوء بنفسه أو غيره ( باستعماله ) أي الماء ( بطء برء ) أي طول مرض ( أو ) خوفه باستعماله الماء ( بقاء شين ) أي أثر قروح تفحش .

قال في الإنصاف : وكذا لو خاف حدوث نزلة ونحوها ا هـ ، لعموم قوله تعالى { : وإن كنتم مرضى } ولأنه يباح له التيمم إذا خاف ذهاب شيء من ماله أو ضررا في نفسه من لص أو سبع . فهنا أولى ( أو ) خوفه باستعماله الماء ( ضرر بدنه من جرح ) فيه بعد غسل ما يمكن غسله ( أو ) من ( برد شديد ) ولم يجد ما يسخن به الماء ، ولم يتمكن من استعماله على وجه لا ضرر فيه ( أو ) خوفه باستعماله ( فوت رفقة ) بكسر الراء وضمها .

قال في الفروع : وظاهر كلامه : ولو لم يخف ضررا بفوات الرفقة ، لفوات الألف والأنس ( أو ) خوفه باستعماله فوت ( ماله ، أو ) خوفه باستعماله ( عطش نفسه أو غيره من آدمي أو بهيمة محترمين ) بخلاف نحو حربي وخنزير وكلب عقور ، أو أسود بهيم ومن معه طاهر ونجس وخاف عطشا ; حبس الطاهر وأراق النجس ، إن استغنى عنه ، وإلا حبسه ( أو ) خوفه باستعماله ( احتياجه ) أي الماء ( لعجن أو طبخ ) .

فمن خاف شيئا من ذلك أبيح له التيمم ، دفعا للضرر والحرج عن نفسه وماله ورفيقه ، وقال ابن المنذر : أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم : على أن المسافر إذا كان معه ماء فخشي العطش : أنه يبقي ماءه للشرب ويتيمم ( أو ) تعذر الماء ( لعدم بذله إلا بزيادة كثيرة عادة على ثمن مثله في مكانه ) لأن عليه ضررا في دفع الزيادة [ ص: 92 ] الكثيرة .

فلم يلزمه تحمله ، كضرر النفس ( ولا إعادة في الكل ) أي كل ما مر من المسائل . لأنه أتى بما أمر به ، فخرج من عهدته ( ويلزم ) من عدم الماء واحتياجه ( شراء ماء أو ) شراء ( حبل ودلو ) احتاج إليهما ليستسقي بهما ( بثمن مثل أو ) شيء ( زائد ) عنه ( يسيرا ) عادة في مكانه ( فاضل ) صفة لثمن ( عن حاجته ) كقضاء دينه ونفقة ومؤنة سفر له ولعياله ; لأن القدرة على ثمن العين كالقدرة عليها في عدم جواز الانتقال إلى البدل .

والزيادة اليسيرة لا أثر لها إذ الضرر اليسير قد اغتفر في النفس ، ففي المال أحرى . فإن لم يكن معه ما يفضل عن حاجته لم يلزمه ، ولو وجده يباع في الذمة وقدر عليه ببلده ، لكن إن اشترى إذن فهو أفضل . وليس إسرافا بخلاف عطشان توضأ ولم يشرب فيأثم .

( و ) يلزمه أيضا ( استعارتهما ) أي طلب الحبل والدلو عارية ممن هما معه .

( و ) يلزمه أيضا ( قبولهما ) إن بذلا له ( عارية ، و ) قبول ( ماء قرضا ) لاستقراضه .

( و ) يلزمه قبول ( هبة ) لاستيهابه ( و ) يلزمه قبول ثمنه فرضا وله وفاء ) لأن المنة في ذلك يسيرة في العادة ، فلا يضر احتمالها . ولا يلزمه قبول ثمنه هبة للمنة ، ولا استقراض ثمنه ( ويجب ) على من معه ماء فاضل عن حاجة شربه ( بذله لعطشان ) ولو كان الماء نجسا ; لأنه إنقاذ من هلكة كإنقاذ الغريق .

( وييمم رب ماء مات ) بدل غسله ( لعطش رفيقه ) كما لو كان حيا ( ويغرم ) رفيقه ( ثمنه ) أي قيمة الماء ( مكانه وقت إتلافه ) لورثة الميت ، وإن قلنا : الماء مثلي ; لأن فيه ضررا بالوارث ، قال في الفروع : وظاهر كلامه في النهاية : إن غرمه مكانه فبمثله

( ومن أمكنه أن يتوضأ به ) أي الماء ( ثم يجمعه ويشربه ) بعد وضوئه ( لم يلزمه ) لأن النفس تعافه ( ومن قدر على ماء بئر بثوب يدليه فيها يبله ثم ) يخرجه ف ( يعصره لزمه ) ذلك لقدرته على الماء ( ما لم تنقص قيمته ) أي الثوب بذلك ( أكثر من ثمن الماء ) فلا يلزمه ، كشرائه بأكثر من ثمن مثله ، وحيث لزمه فعل .

( ولو خاف فوت الوقت ) لقدرته على استعماله . أشبه ما لو كان معه آلة الاستسقاء المعتادة ( ومن بعض بدنه جريح ونحوه ) بأن كان به قروح أو رمد ، وتضرر بغسل ذلك ، وهو جنب أو محدث ( ولم يتضرر بمسحه بالماء وجب ) المسح بالماء ، إن لم يكن الجرح نجسا . قاله في التلخيص .

( وأجزأ ) لأن المسح بالماء بعض الغسل ، وقدر عليه فلزمه . لحديث { إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم } وكمن عجز عن الركوع أو السجود وقدر على الإيماء ( وإلا ) بأن تضرر [ ص: 93 ] بمسحه أيضا ( تيمم له ) أي للجريح ونحوه ، دفعا للحرج ( و ) يتيمم أيضا ( لما يتضرر بغسله مما قرب ) من الجريح ونحوه ، دفعا للحرج .

( و ) يتيمم أيضا ( لما يتضرر بغسله مما قرب ) من الجريح ونحوه ، لاستوائهما في الحكم ( وإن عجز عن ضبطه ) أي الجريح وما قرب منه ( وقدر أن يستنيب من يضبطه ) ولو بأجرة فاضلة عن حاجته ( لزمه ) أن يستنيب ليؤدي الفرض

فإن عجز عن الاستنابة أيضا تيمم وصلى وأجزأته ( ويلزم من جرحه ) ونحوه ( ببعض أعضاء وضوئه إذا توضأ ترتيب ) لوجوبه في الوضوء ( فيتيمم له ) أي للعضو الجريح ونحوه ( عند غسله لو كان صحيحا ) فإن كان الجرح ونحوه في الوجه وعمه تيمم أولا ثم أتم وضوءه ، وإن كان في بعضه خير بين أن يغسل صحيحه ثم يتيمم لجرحه وعكسه ، ثم يتم وضوءه وإن كان في بعض عضو آخر لزمه غسل ما قبله ، ثم كان فيه على ما ذكر في الوجه ، وإن كان في وجهه ويديه ورجليه احتاج في كل عضو إلى تيمم في محل غسله ، ليحصل الترتيب ، فإن غسل صحيح وجهه ثم تيمم له وليديه تيمما .

لم يجزه ، لأدائه إلى سقوط الترتيب بين الوجه واليدين وأما التيمم عن جملة الطهارة فالحكم له دونها .

( و ) يلزم أيضا من جرحه ببعض أعضاء وضوئه إذا توضأ ( موالاة ) لوجوبها فيه فلو كان برجله ، وتيمم له عند غسلها ومضى ما تفوت فيه ثم خرج الوقت بطل تيممه ( ف ) يعيده ( ويعيد غسل الصحيح عند كل تيمم ) كما لو أخر غسله حتى فاتت ولو اغتسل لجنابة ، ثم تيمم لنحو جرح وخرج الوقت .

لم يعد سوى التيمم لأنه لا يعتبر فيه ترتيب ، ولا موالاة ( وإن وجد ) من لزمه طهارة ( حتى المحدث ) حدثا أصغر ( ماء لا يكفي لطهارة استعمله ) وجوبا ( ثم تيمم ) للباقي ، لحديث { إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم } فإن تيمم قبل استعماله لم يصح لمفهوم قوله تعالى : { فلم تجدوا ماء } فإن وجد ترابا لا يكفيه ، استعمله وصلى ويعيد إذا وجد ما يكفيه من ماء أو تراب قاله في الرعاية ، واقتصر عليه في الإنصاف .

قلت : مقتضى ما يأتي : لا يزيد على ما يجزئ ، ولا إعادة وإن وجد جنب ما يكفي أعضاء وضوئه فقط استعمله فيها ناويا رفع الحدثين ومن ببدنه نجاسة وهو محدث والماء يكفي أحدهما غسل به النجاسة ، ثم يتيمم للحدث نصا .

قال المجد : إلا أن تكون النجاسة في محل يصح تطهيره من [ ص: 94 ] الحدث ، فيستعمله فيه عنهما وكذا إن كانت النجاسة في ثوبه . أزالها به ، ثم تيمم ( ومن ) لزمته طهارة و ( عدم الماء لزمه إذا ) أي كلما ( خوطب بصلاة ) بأن دخل وقتها فلا أثر للطلب قبله . لأنه غير مخاطب بالطهارة إذن ( طلبه في رحله ) بأن يفتش من مسكنه وما يستصحبه من أثاثه ورحله ما يمكن أن يكون فيه .

( وما قرب ) منه ( عادة ) بأن ينظر أمامه ووراءه وعن يمينه وشماله ما جرت العادة بالسعي إليه ، فإن كان سائرا طلبه أمامه ، فإن رأى خضرة أو ما يدل على ما قصده فاستبرأه .

( و ) يلزمه أيضا : طلبه ( من رفيقه ) فيسأل عن موارده ، أو عن ماء معه يبيعه ، أو يبذله له .

فإن تيمم قبل الطلب لم يصح لقوله تعالى : { فلم تجدوا ماء فتيمموا } ولا يقال : لم يجد إلا لمن طلب ولاحتمال أن يكون بقربه ماء لا يعلمه وسواء تحقق وجوده أو ظنه ، أو ظن عدمه ، أو استوى عنده الأمران ( ما لم يتحقق عدمه ) أي الماء ، فلا يلزمه طلبه ، لأنه لا أثر له ( ومن تيمم ) لعدم الماء ( ثم رأى ما يشك معه في ) وجود ( الماء ) كخضرة وركب قادم يحتمل أن يكون معه ماء ( لا في صلاة ، بطل تيممه ) لوجوب طلبه عليه إذن .

وأما إن كان في صلاة فلا تبطل ولا تيممه لأنه لا يلزمه طلبه إذن ( فإن دله ) أي عادم الماء ( عليه ) أي الماء ( ثقة ) قريبا عرفا لزمه قصده ( أو علمه ) أي علم الماء عادمه ( قريبا عرفا ) منه ( ولم يخف ) بقصده إياه ( فوت وقت ولو ) كان الوقت المخوف فواته ( للاختيار ) بأن ظن أن لا يدرك الصلاة بوضوء إلا وقت الضرورة ( أو ) لم يخف بقصده فوت ( رفقة ، أو ) فوت ( عدو ، أو ) فوت ( مال ، أو ) لم يخف بقصده ( على نفسه ) نحو لص أو سبع أو عدو .

( ولو ) كان المخوف منه ( فساقا ) يفسقون بطالب الماء ( غير جبان ) يخاف بلا سبب يخاف منه ( أو ) لم يخف بقصده على ( ماله ) كشرود دابته ، أو على أهله من لص أو سبع أو نحوه ( لزمه قصده ) أي الماء لتمكنه منه بلا ضرر ( وإلا ) بأن خاف شيئا مما تقدم ( تيمم ) وسقط طلبه ، لعدم تمكنه من استعماله في الوقت بلا ضرر فأشبه عادمه إعادة وليس له تأخير الصلاة إلى الأمن .

وإذا تيمم لسواد بالليل يظنه عدوا ، فتبين عدمه بعد أن صلى فلا إعادة لعموم البلوى به في الأسفار ( ولا يتيمم ) مع الماء ( لخوف فوت جنازة ) بالوضوء ( ولا ) لخوف فوت وقت ( فرض ) إن [ ص: 95 ] توضأ لمفهوم قوله تعالى : { فلم تجدوا ماء } ( إلا هنا ) أي فيما إذا علم المسافر الماء أو دله عليه ثقة قريبا وخاف بقصده فوت الوقت .

( و ) إلا فيما ( إذا وصل مسافر إلى ماء وقد ضاق الوقت ) عن طهارته ( أو ) لم يضق الوقت عنها لكن ( علم أن النوبة لا تصل إليه ) ليستعمله ( إلا بعده ) أي الوقت ، فيتيمم ، لعدم قدرته على استعماله في الوقت . فاستصحب حال عدمه له ، بخلاف من وصل إليه وتمكن من الصلاة في الوقت ، ثم أخر حتى ضاق فكحاضر لتحقق قدرته ( ومن ترك ما يلزمه قبوله ) من ماء أو ثمنه أو آلته ( أو ) ترك ما يلزمه ( تحصيله من ماء وغيره ) كحبل ودلو ( وتيمم وصلى .

أعاد ) لأنه قادر على استعمال الماء من غير ضرر لاحق له . فلم يصح تيممه ، كواجده ( ومن خرج ) إلى أرض من أعمال بلده ( لحرث أو صيد ونحوه ) كاحتطاب ( حمله ) أي الماء معه ( إن أمكنه ) لأنه لا عذر له إذن . وما لا يتم الواجب إلا به واجب ( و ) متى حمله وفقده ، أو لم يحمله وحضرت الصلاة ( تيمم إن فاتت حاجته ) التي خرج إليها ( برجوعه ) إلى الماء ( ولا يعيد ) صلاته به ، لأنه شبيه بالمسافر إلى قرية أخرى .

( ومن في الوقت ) للصلاة ( أراقه ) أي الماء ( أو مر به ) أي الماء ( وأمكنه الوضوء ) منه ولم يفعل ( و ) هو ( يعلم أنه لا يجد غيره أو باعه أو وهبه ) في الوقت لغير من يلزم بذله له ( حرم ) عليه ذلك ( ولم يصح العقد ) من بيع أو هبة لتعلق حق الله تعالى بالمعقود عليه فلم يصح نقل الملك فيه كأضحية معينة

( ثم إن تيمم ) لعدم غيره ولم يقدر على رد المبيع والموهوب ( وصلى لم يعد ) لأنه عادم للماء حال التيمم أشبه ما لو فعل ذلك قبل الوقت ، فإن كان ما سبق قبل الوقت فلا إثم له ولا إعادة بالأولى ( ومن ضل عن رحله وبه الماء . وقد طلبه ) أي رحله فلم يجده ، فتيمم أجزأه أو ضل ( عن موضع بئر كان يعرفها فتيمم أجزأه ) ولا إعادة بعد وجود ماء ضل عنه ; لأنه حال تيممه عادم الماء .

فدخل في قوله تعالى : { فلم تجدوا ماء فتيمموا } ولأنه غير مفرط ( ولو بان بعد ) التيمم والصلاة ( بقربه بئر خفية لم يعرفها ) فلا إعادة لعدم تفريطه ، بخلاف ما لو كانت أعلامها ظاهرة أو كان يعرفها ( لا إن نسيه أي الماء ) أو جهله بموضع يمكنه استعماله

( ولو مع نحو عبده ( وتيمم ) وصلى . فلا يجزئه لأن الطهارة تجب مع العلم والذكر فلا تسقط بالنسيان والجهل ، كمن صلى ناسيا حدثه و [ ص: 96 ] ( كمصل عريانا ومكفر بصوم ناسيا للسترة والرقبة ) فلا تصح صلاته ، ولا يجزئه صومه عن كفارته ( ويتيمم ) بالبناء للمجهول ، أي يشرع التيمم ( لكل حدث ) أكبر أو أصغر .

لحديث عمران بن حصين قال { : كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في سفر ، فصلى بالناس ، فإذا هو برجل معتزل فقال : ما منعك أن تصلي ؟ فقال أصابتني جنابة ، ولا ماء قال : عليك بالصعيد . فإنه يكفيك } متفق عليه . ولحديث عمار ، وحائض أو نفساء انقطع دمهما كجنب ( و ) تيمم ( ل ) كل ( نجاسة ببدن ) متيمم .

قال أحمد : هو بمنزلة الجنب ( لعدم ماء أو لضرر ) في بدنه ولو كان الضرر ( من برد حضرا ) مع عدم ما يسخن به الماء ( بعد تخفيفها ) أي النجاسة عن بدنه ( ما أمكن ) بمسح رطبه أو حك يابسه ( لزوما ولا إعادة ) عليه سواء كانت بمحل صحيح أو جريح ، لعموم قوله { : صلى الله عليه وسلم الصعيد الطيب طهور المسلم } وقوله : { جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا } ولأنها طهارة في البدن تراد للصلاة ، فأشبهت طهارة الحدث .

وعلم منه : أنه لا تيمم لغير نجاسة ببدن وتقدم ( وإن تعذر ) على مريد الصلاة ( الماء والتراب لعدم ) كمن حبس بمحل لا ماء فيه ولا تراب ( أو لقروح لا يستطيع معها مس البشرة بماء ولا تراب ( ونحوها ) أي القروح كجراحات لا يمكن مسها وكذا مريض عجز عن الماء والتراب أو عمن يطهره بأحدهما ( صلى الفرض فقط ) دون النوافل ( على حسب حاله ) لأن الطهارة شرط فلم تؤخر الصلاة عند عدمه كالسترة .

( ولا يزيد ) عادم الماء والتراب ( على ما يجزئ ) في الصلاة فلا يقرأ زائدا على الفاتحة ولا يستفتح ، ولا يتعوذ ولا يبسمل ، ولا يسبح زائدا على المرة الواحدة ولا يزيد على ما يجزئ في طمأنينة ركوع أو سجود أو جلوس بين السجدتين وإذا فرغ من قراءة الفاتحة ركع في الحال ، وإذا فرغ مما يجزئ في التشهد نهض أو سلم في الحال لأنها صلاة ضرورة فتقيدت بالواجب . إذ لا ضرورة لزائد ولا يقرأ خارج الصلاة إن كان جنبا

( ولا يؤم ) عادم الماء والتراب ( متطهرا بأحدهما ) أي الماء والتراب كالعاجز عن الاستقبال أو غيره من الشروط لا يؤم قادرا عليه ، وإن قدر على التراب ، في الصلاة فكالمتيمم يقدر على الماء ( ولا إعادة ) على من عدم الماء والتراب وصلى على حسب حاله لأنه أتى بما أمر به فخرج من عهدته ( وتبطل ) صلاته ( بحدث ونحوه ) [ ص: 97 ] كنجاسة غير معفو عنها ( فيها ) لأنه مناف للصلاة ، فأبطلها على أي وجه كانت ، ثم يستأنفها على حسب حاله .

وتبطل صلاة على ميت لم يغسل ولم ييمم بغسله مطلقا ، وتعاد الصلاة عليه به وييمم ، ويجوز نبشه لأحدهما مع أمن تفسخه ( وإن وجد ) عادم ( ثلجا وتعذر تذويبه مسح به أعضاءه ) لزوما ، لأنه ماء جامد لا يقدر على استعماله إلا كذلك ، فوجب ، لحديث { إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم } .

وظاهره : لا يتيمم مع وجوده ، لأنه واجد للماء ( وصلى ولم يعد ) صلاته ( إن جرى ) الثلج أي سال ( بمس الأعضاء ) الواجب غسلها ، لأنه يصير غسلا خفيفا ، فإن لم يجر بمس . أعاد ، ومثله لو صلى بلا تيمم وعنده : طين يابس لم يقدر على دقه ليكون له غبار الشرط ( الثالث : تراب ) فلا يصح تيمم برمل أو نورة أو جص ، أو نحت حجارة أو نحوه ( طهور ) بخلاف ما يتناثر من المتيمم ، لأنه استعمل في طهارة إباحة الصلاة ، أشبه الماء المستعمل في طهارة واجبة ، وإن تيمم جماعة من موضع واحد ، صح ، كما لو توضئوا من حوض يغترفون منه ( مباح ) فلا يصح بمغصوب ، كالوضوء به .

قال في الفروع : وظاهره ولو تراب مسجد ، ولعله غير مراد ، فإنه لا يكره بتراب زمزم ، مع أنه مسجد ( غير محترق ) فلا يصح بما دق من نحو خزف ، لأن الطبخ أخرجه عن أن يقع عليه اسم التراب ( يعلق غباره ) لقوله تعالى : { فتيمموا صعيدا طيبا فامسحوا بوجوهكم وأيديكم منه } وما لا غبار له لا يمسح بشيء منه " فلو ضرب على نحو لبد أو بساط أو حصير أو صخرة أو برذعة حمار أو عدل شعير ونحوه مما عليه غبار طهور يعلق بيده ، صح تيممه بخلاف سبخة ونحوها لا غبار لها .

( فإن خالطه ) أي التراب الطهور ( ذو غبار ) غيره ، كالجص ، والنورة ( فكماء ) طهور ( خالطه طاهر ) فإن كانت الغلبة للتراب جاز التيمم به وإن كانت للمخالط لم يجز فإن كان المخالط لا غبار له لم يمنع التيمم بالتراب ، كبر وشعير ، وإن خالطته نجاسة لم يجز التيمم به وإن كثر .

ذكره ابن عقيل ولا يجوز التيمم بتراب مقبرة تكرر نبشها ، وإلا جاز وإن شك في التكرار صح التيمم به ، ولا بطين ، لكن إن أمكنه تجفيفه ، والتيمم به قبل خروج الوقت جاز ، لا بعده وأعجب أحمد حمل التراب للتيمم ، وقال الشيخ تقي الدين : لا يحمله وظهره في الفروع ، وصوبه في الإنصاف ، إذ لم ينقل .

التالي السابق


الخدمات العلمية