صفحة جزء
فصل النفاس لا حد لأقله لأنه لم يرد تحديده . فرجع فيه إلى الوجود . وقد وجد قليلا وكثيرا . .

وروي { أن امرأة ولدت على عهده صلى الله عليه وسلم فلم تر دما . فسميت ذات الجفوف } ولأن اليسير دم وجد عقب سببه . فكان نفاسا كالكثير ( وهو ) أي النفاس بقية للدم الذي احتبس في مدة الحمل مأخوذ من النفس .

وهو الخروج من الجوف ، أو من نفس الله كربته ، أي فرجها ، وعرفا ( دم ترخيه الرحم مع ولادة وقبلها ) أي الولادة ( بيومين أو ثلاثة بأمارة ) أي علامة على الولادة ، كالتألم . وإلا فلا تجلسه ، عملا بالأصل . فإن تبين عدمه أعادت ما تركته ( وبعدها ) أي الولادة ( إلى تمام أربعين ) يوما ( من ابتداء خروج بعض الولد ) فأكثره أربعون .

قال الترمذي : " أجمع أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ومن بعدهم على أن النفساء تدع الصلاة أربعين يوما ، إلا أن ترى الطهر قبل ذلك فتغتسل وتصلي " .

قال أبو عبيد : وعلى هذا جماعة الناس ( وإن جاوزها ) أي الأربعين دم النفاس ( وصادف عادة حيضها ولم يزد ) عن عادتها .

فالمجاوز حيض ; لأنه في عادتها . أشبه ما لو لم يتصل بنفاس ( أو زاد ) الدم المجاوز للأربعين عن العادة ( وتكرر ) ثلاثة أشهر ( ولم يجاوز أكثره ) أي الحيض ( فهو حيض ) لأنه دم متكرر صالح للحيض ، أشبه ما لو لم يكن قبله نفاس . ( وإلا ) بأن زاد ولم يتكرر ، أو جاوز أكثر الحيض وتكرر أولا ( أو لم يصادف عادة ) حيض ( فهو استحاضة ) إن لم يتكرر لأنه لا يصلح حيضا ولا نفاسا ،

فإن تكرر وصلح حيضا فحيض ( ولا تدخل استحاضة في مدة نفاس ) كما لا تدخل في مدة حيض ; لأن الحكم للأقوى ( ويثبت حكمه ) أي النفاس ( بوضع ما تبين فيه خلق إنسان ) ولو خفيا ; لأنه ولادة ، لا علقة أو مضغة لا تخطيط فيهما . وأقل ما يتبين فيه خلقه أحد وثمانون يوما ، ويأتي وغالبه كما .

قال المجد وابن تميم وابن حمدان وغيرهم : ثلاثة أشهر ( والنقاء زمنه ) أي النفاس ( طهر ) كالحيض .

فتغتسل وتفعل ما تفعل الطاهرات ( ويكره وطؤها فيه ) [ ص: 123 ] أي النقاء زمنه بعد الغسل .

قال أحمد : ما يعجبني أن يأتيها زوجها ، على حديث عثمان بن أبي العاص " أنها أتته قبل الأربعين . فقال : " لا تقربيني " ولأنه لا يأمن العود من الوطء ( فإن عاد الدم في الأربعين ) بعد انقطاعه ( أو لم تره ) عند الولادة ( ثم رأته فيها ) أي الأربعين ، فهو ( مشكوك فيه ) ، أي كونه نفاسا أو فسادا ، لتعارض الأمارتين فيه ( فتصوم وتصلي ) معه . لأن سبب الوجوب متيقن ، وسقوطه بهذا الدم مشكوك فيه .

وليس كالحيض لتكرره ( وتقضي الصوم المفروض ونحوه ) احتياطا . لأنها تيقنت شغل ذمتها به . فلا تبرأ إلا بيقين ( ولا توطأ ) في هذا الدم كالمبتدأة في الزائد على أقل الحيض قل تكرره ( وإن صارت نفساء بتعديها ) على نفسها بضرب أو شرب دواء ونحوهما ( لم تقض ) الصلاة في زمن نفاسها ، كما لو كان التعدي من غيرها . لأن وجود الدم ليس معصية من جهتها . ولا يمكنها قطعه ، بخلاف سفر المعصية يمكن قطعه بالتوبة .

وأما السكر فجعل شرعا كمعصية مستدامة يفعلها شيئا فشيئا بدليل جريان الإثم والتكليف . والشرب أيضا يسكر غالبا . فأضيف إليه كالقتل ، يحصل معه خروج الروح . فأضيف إليه ( وفي وطء نفساء ما في وطء حائض ) من الكفارة قياسا عليه ( ومن وضعت توأمين ) أي ولدين ( فأكثر ، فأول نفاس وآخره من ) ابتداء خروج ( الأول ) كما لو انفرد الحمل ( فلو كان بينهما ) أي الولدين ( أربعون ) يوما فأكثر ( فلا نفاس للثاني ) بل هو دم فساد ; لأنه تبع للأول . فلم يعتبر في آخر النفاس . كما لا يعتبر في أوله .

التالي السابق


الخدمات العلمية