صفحة جزء
. وأركانه : واقف ، وموقوف ، وموقوف عليه ، والصيغة . وهي فعلية وقولية . وقد ذكر الأولى بقوله : ( ويحصل ) الوقف حكما ( بفعل مع ) شيء ( دال عليه ) أي : الوقف ( عرفا ) لمشاركته القول في الدلالة عليه ( كأن يبني بنيانا على هيئة مسجد ويأذن إذنا عاما في الصلاة فيه ) ولو بفتح الأبواب أو التأذين أو كتابة لوح بالإذن أو الوقف . قاله الحارثي . وكذا لو أدخل بيته في المسجد وأذن فيه ولو نوى خلافه . نقله أبو طالب . أي : لا أثر لنية خلاف ما دل عليه الفعل ( حتى لو كان ) ما بناه على هيئة المسجد وأذن في الصلاة فيه ( سفل بيته أو علوه أو وسطه ) فيصح ، وإن لم يذكر استطراقا كما لو باعه ولم يذكره ( ويستطرق ) إليه على العادة كما لو أجره وأطلق ( أو ) يبني ( بيتا ) يصلح ( لقضاء حاجة أو تطهر ويشرعه ) أي : يفتح بابه إلى الطريق ( أو يجعل أرضه مقبرة ويأذن ) للناس ( إذنا عاما بالدفن فيها ) بخلاف الإذن الخاص . فقد يقع على غير الموقوف فلا يفيد دلالة الوقف . قاله الحارثي . وأشار إلى الصيغة القولية بقوله : ( و ) يحصل ب ( قول ) وكذا إشارة مفهومة من أخرس ، ( وصريحه : وقفت وحبست وسبلت ) ; لأن كل واحدة من هذه الثلاثة لا يحتمل غيره بعرف الاستعمال والشرع لقوله صلى الله عليه وسلم { إن شئت حبست أصلها وسبلت ثمرها } فصارت هذه الألفاظ في الوقف كلفظ التطليق في الطلاق ، وإضافة التحبيس إلى الأصل والتسبيل إلى الثمرة لا يقتضي المغايرة في المعنى ، فإن الثمرة محبسة أيضا على ما شرط صرفها إليه . وأما الصدقة فقد سبق لها حقيقة شرعية في غير الوقف هي أعم من الوقف ، فلا يؤدي معناه بها إلا بقيد يخرجها عن المعنى الأعم . ولهذا كانت كناية فيه . وفي جمع الشارع بين لفظتي التحبيس والتسبيل تبيين لحالتي الابتداء والدوام ، فإن حقيقة الوقف ابتداء تحبيسه ، ودواما تسبيل منفعته . ولهذا حد كثير من الأصحاب الوقف بأنه تحبيس الأصل وتسبيل الثمرة أو المنفعة ، ( وكنايته ) أي الوقف ( تصدقت وحرمت وأبدت ) لعدم خلوص كل منها عن الاشتراك . فالصدقة تستعمل في الزكاة وهي ظاهرة في صدقة التطوع ، والتحريم [ ص: 399 ] صريح في الظهار ، والتأبيد يستعمل في كل ما يراد تأبيده من وقف وغيره ( ولا يصح ) الوقف ( بها ) مجردة عما يصرفها إليه ككنايات الطلاق فيه ، لأنها لم يثبت لها عرف لغوي ولا شرعي ( إلا بنية ) الوقف فمن أتى بكناية واعترف بأنه نوى بها الوقف لزمه حكما ; لأنها بالنية صارت ظاهرة فيه وإن قال : ما أردت بها الوقف قبل قوله ; لأن نيته لا يطلع عليها غيره ، ( أو قرنها ) أي : الكناية في اللفظ ( بأحد الألفاظ الخمسة ) وهي : الصرائح الثلاث والكنايتان ( ك ) قوله ( تصدقت صدقة موقوفة أو ) تصدقت صدقة ( محبسة أو ) تصدقت صدقة ( مسبلة أو ) تصدقت صدقة ( محرمة أو ) تصدقت صدقة ( مؤبدة أو ) قرن الكناية ( بحكم الوقف ك ) قوله : تصدقت به صدقة ( لا تباع أو ) صدقة ( لا توهب أو ) صدقة ( لا تورث أو ) تصدقت بداري ( على قبيلة ) كذا ( أو ) على ( طائفة كذا ) ; لأن ذلك كله لا يستعمل في غير الوقف فانتفت الشركة . وكذا تصدقت بأرضي أو داري على زيد والنظر لي أيام حياتي ، أو ثم من بعد زيد على عمرو ، أو على ولده أو على مسجد كذا ونحوه ( فلو قال : تصدقت بداري على زيد ، ثم قال : أردت الوقف وأنكر زيد ) إرادة الوقف وأن له التصرف في رقبتها بما أراد قبل قول زيد ، و ( لم تكن وقفا ) لمخالفة قول المتصدق للظاهر قال في الإنصاف : فيعايا بها .

التالي السابق


الخدمات العلمية