صفحة جزء
( ثم يقرأ ) المصلي بعد الفاتحة ( سورة كاملة ندبا ) للخبر السابق . ويستحب أن يفتتحها بالبسملة سرا ( من طوال ) بكسر الطاء ( المفصل في ) صلاة ( الفجر و ) من ( قصاره ) أي المفصل ( في ) صلاة ( المغرب ، وفي الباقي ) من الخمس ، وهي الظهر والعصر والعشاء ( من أوساطه ) أي المفصل لحديث سليمان بن يسار عن أبي هريرة قال { ما رأيت رجلا أشبه صلاة بالنبي صلى الله عليه وسلم من فلان ، قال سليمان : فصليت خلفه ، وكان يقرأ في الغداة بطوال المفصل .

وفي المغرب بقصاره ، وفي العشاء بوسط المفصل
} رواه أحمد والنسائي . ولفظه له .

ورواته ثقات ( ولا يكره ) أن يقرأ مصل ( لعذر ، كمرض وسفر ونحوهما ) كخوف وغلبة نعاس ولزوم غريم ( بأقصر من ذلك ) في فجر وغيرها للعذر ( وإلا ) بأن لم يكن عذر ( كره بقصاره في ) صلاة ( فجر ) نص عليه ، لمخالفة السنة . و ( لا ) تكره القراءة ( بطواله في مغرب ) نص عليه . للخبر " أنه صلى الله عليه وسلم قرأ فيها بالأعراف " والسورة وإن قصرت أفضل من بعض سورة .

قال القاضي وغيره : وتجزئ آية إلا أن أحمد استحب كونها طويلة ، كآية الدين والكرسي ( وأوله ) أي المفصل : سورة ( ق ) ولا يعتد بالسورة قبل الفاتحة ) وآخره : آخر القرآن ، وطواله على ما قال بعضهم : إلى عم ، وأوساطه إلى الضحى . والباقي : قصاره ( وحرم تنكيس الكلمات ) القرآنية لإخلاله بنظمها ( وتبطل ) الصلاة ( به ) ; لأنه يصير كالكلام الأجنبي ، يبطلها عمده وسهوه

و ( لا ) يحرم تنكيس ( السور ، و ) لا تنكيس ( الآيات ) ولا تبطل به ; لأنه لا يخل بنظم القرآن ، لكن الفاتحة يعتبر ترتيبها ، وتقدم ( ويكره ) تنكيس السور والآيات في ركعة أو ركعتين ، واحتج أحمد بأنه صلى الله عليه وسلم تعلم على ذلك ، وعند الشيخ تقي الدين : ترتيب الآيات واجب ; لأنه بالنص

وترتيب السور بالاجتهاد ، ولهذا تنوعت مصاحف الصحابة لكن لما اتفقوا على [ ص: 192 ] المصحف زمن عثمان رضي الله عنه صار مما سنه الخلفاء الراشدون . وقد دل الحديث على أن لهم سننا يجب اتباعها ( ك ) ما تكره القراءة ( بكل القرآن في ) صلاة ( فرض ) للإطالة وعدم نقله ، وعلم منه : أنه لا تكره بكله في نفل ( أو ) أي وتكره القراءة ( بالفاتحة فقط ) قال في الفروع : وعلى المذهب : تكره الفاتحة فقط ا هـ . وظاهره : في الفرض والنفل .

و ( لا ) يكره ( تكرار سورة ) في ركعتين لحديث زيد بن ثابت { أن النبي صلى الله عليه وسلم قرأ في المغرب بالأعراف في الركعتين كلتيهما } رواه سعيد ( أو ) أي ولا يكره ( تفريقها ) أي السورة ( في ركعتين ) لحديث عائشة رضي الله عنها مرفوعا { كان يقرأ البقرة في الركعتين } رواه ابن ماجه . .

( و ) لا يكره أيضا ( جمع سورة في ركعة ، ولو في فرض ) لما في الصحيح { أن رجلا من الأنصار كان يؤمهم ، فكان يقرأ قبل كل ركعة سورة قل هو الله أحد ، ثم يقرأ سورة أخرى معها ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ما يحملك على لزوم هذه السورة ؟ فقال : إني أحبها ، فقال حبك إياها أدخلك الجنة } وفي الموطأ عن ابن عمر ( أنه كان يقرأ في المكتوبة سورتين في كل ركعة .

( و ) لا يكره أيضا ( قراءة أواخر السور وأوساطها ) لعموم { فاقرءوا ما تيسر منه } ولحديث ابن عباس { كان يقرأ في الأولى من ركعتي الفجر قوله تعالى : قولوا آمنا بالله وما أنزل إلينا ، وفي الثانية : الآية في آل عمران : قل يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة . الآية } رواه أحمد ( أو ) أي ولا يكره لمصل ( ملازمة ) قراءة ( سورة ) بعد الفاتحة في كل صلاته ( مع اعتقاد جواز غيرها ) ومع اعتقاد صحة الصلاة بغيرها للخبر ، وإلا حرم اعتقاده لفساده .

( ويجهر إمام بقراءة ) الفاتحة والسورة ( في الصبح ) و ( في ) أولتي ( مغرب وعشاء ) وجمعة وعيد واستسقاء وكسوف وتراويح ووتر بعدها . ويسر فيما عدا ذلك لثبوت ذلك بنقل الخلف عن السلف عنه صلى الله عليه وسلم وإجماع العلماء عليه في غير كسوف ( وكره ) جهر بقراءة ( المأموم ) ; لأنه مأمور باستماع قراءة إمامه ، والإنصات لها ، وإسماعه القراءة لغيره غير مقصود .

( و ) كره لمصل جهره بقراءة ( نهارا في نفل ) غير كسوف واستسقاء .

قال ابن نصر الله في حواشي الفروع : والأظهر : أن المراد هنا بالنهار : من طلوع الشمس ، لا من طلوع الفجر . وبالليل : من غروب الشمس إلى طلوعها ( ويخير منفرد ) في جهر [ ص: 193 ] بقراءة وإخفات في جهرية ويخير أيضا ( قائم لقضاء ما فاته ) من صبح وأولتي مغرب وعشاء ، وترك الجهر أفضل لأن المقصود منه إسماع نفسه ،

وجاز له الجهر ، لشبهه بالإمام في عدم الأمر بالإنصات ( ويسر ) مصل بقراءة ( في قضاء صلاة جهر ) كصبح ( نهارا ) اعتبارا بزمن القضاء ( ويجهر بها ) أي القراءة في صلاة جهر قضاها ( ليلا في جماعة ) اعتبارا بزمن القضاء . وشبهها بالأداء لكونها في جماعة .

( و ) مصل ليلا ( في نفل يراعي المصلحة ) في جهر وإخفات ، فيسر مع من يتأذى بجهره ، ويجهر مع من يأنس به ، ونحوه .

وتحرم القراءة ( ولا تصح ) صلاة ( بقراءة تخرج عن مصحف عثمان ) بن عفان رضي الله تعالى عنه ، كقراءة ابن مسعود " فصيام ثلاثة أيام متتابعات " لعدم تواترها ، وعلم منه صحة الصلاة بقراءة لا تخرج عنه ، وإن لم تكن من العشرة ، حيث صح سنده .

وكره أحمد قراءة حمزة والكسائي ، وعنه والإدغام الكبير لأبي عمرو ، واختار قراءة نافع من رواية إسماعيل بن جعفر عنه ، ثم قراءة عاصم ، وقال له الميموني : أي القراءة تختار لي فأقرأ بها ؟ قال : قراءة ابن العلاء لغة قريش والفصحاء من الصحابة رضي الله عنهم ، وإن كان في قراءة زيادة حرف مثل " فأزلهما " و " أزالهما " و " وصى " و " أوصى " فهي أفضل لأجل العشر حسنات ،

نقله حرب . و " مالك " أحب إلى أحمد من " ملك " ( ثم ) بعد الفاتحة والسورة ( يركع مكبرا ) أي قائلا في هويه لركوعه : الله أكبر ( رافعا يديه مع ابتدائه ) أي التكبير لحديث أبي قلابة " أنه رأى { مالك بن الحويرث إذا صلى ، كبر ورفع يديه ، ويحدث أن النبي صلى الله عليه وسلم صنع هكذا } متفق عليه .

وفي حديث أبي حميد الساعدي { فإذا أراد أن يركع رفع يديه حتى يحاذي بهما منكبيه } رواه الخمسة ، وصححه الترمذي وفي الباب غيره . وهو مذهب أبي بكر وعلي وابن عمر وجابر بن عبد الله وأبي هريرة وابن عباس وأبي سعيد الخدري وابن الزبير ، وغيرهم من الصحابة ، وأكثر أهل العلم رضي الله عنهم

التالي السابق


الخدمات العلمية