صفحة جزء
( ثم ) بعد الاعتدال ( يخر ) ساجدا ( مكبرا ، ولا يرفع يديه ) لقول ابن عمر " وكان لا يفعل ذلك في السجود " متفق عليه ، ولم يذكره أبو حميد في وصف صلاته صلى الله عليه وسلم ( فيضع ركبتيه ) أولا بالأرض ، لحديث وائل بن حجر قال { رأيت النبي صلى الله عليه وسلم إذا سجد وضع ركبتيه قبل يديه ، وإذا نهض رفع يديه قبل ركبتيه } رواه أبو داود والنسائي وابن ماجه والترمذي ، وقال : حسن غريب .

وأخرجه ابن خزيمة وابن حبان في صحيحيهما والحاكم في مستدركه ، قال الخطابي : هو أصح من حديث أبي هريرة ، أي الذي فيه " وضع اليدين قبل الركبتين " وروى الأثرم عنه { إذا سجد أحدكم فليبدأ بركبتيه ، ولا يبرك بروك البعير } وعن سعد قال { كنا نضع اليدين قبل الركبتين فأمرنا بوضع الركبتين قبل اليدين } لكنه من رواية يحيى بن سلمة بن كهيل ، وقد تكلم فيه البخاري وغيره . ( ثم ) يضع ( يديه ) أي كفيه ( ثم ) يضع ( جبهته وأنفه ويكون ) في سجوده ( على أطراف أصابعه ) أي أصابع رجليه ، مثنية إلى القبلة لحديث { أمرت أن أسجد على سبعة أعظم } .

وروي { أنه صلى الله عليه وسلم سجد غير مفترش ولا قابضهما } ( والسجود على هذه الأعضاء ) السبعة مع الأنف ( بالمصلى ) بفتح اللام من أرض أو حصير أو نحوهما ( ركن مع القدرة ) عليه

لحديث ابن عباس { أمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يسجد على سبعة أعظم ولا يكف شعرا ولا ثوبا : الجبهة ، واليدين ، والركبتين ، والرجلين } متفق عليه ، وللأثرم وسعيد في سننهما عن عكرمة مرفوعا { لا تجزئ صلاة لا يصيب الأنف منها ما يصيب الجبهة } وللدارقطني عن ابن عباس مرفوعا { لا صلاة لمن لم يضع أنفه على الأرض } و ( لا ) تجب ( مباشرتها ) أي المصلى ( بشيء منها ) أي أعضاء السجود ،

وأجمعوا عليه في القدمين والركبتين ، ويشهد له في الجبهة حديث أنس { كنا نصلي مع النبي صلى الله عليه وسلم في شدة الحر ، فإذا لم يستطع أحدنا أن يمكن جبهته من الأرض بسط ثوبه ، فسجد عليه } رواه الجماعة وروى ابن أبي حاتم عن ابن عمر { أنه كان يسجد على كور عمامته } [ ص: 198 ] ( وكره تركها ) أي مباشرة المصلى باليدين والأنف والجبهة ( بلا عذر ) من نحو حر أو برد أو مرض ، خروجا من الخلاف ، وأخذا بالعزيمة ( ويجزئ بعض كل عضو ) في السجود عليه ; لأنه لم يقيد في الحديث ،

وإن سجد على ظهر كفيه أو أطراف أصابع يديه فظاهر الخبر : يجزئه ; لأنه قد سجد على يديه . وكذا لو سجد على ظهور قدميه ( ومن عجز ) عن سجود ( بالجبهة لم يلزمه ) سجود ( بغيرها ) من أعضاء السجود ، لأنها الأصل فيه ، وغيرها تبع لها لحديث ابن عمر مرفوعا { إن اليدين يسجدان كما يسجد الوجه ، فإذا وضع أحدكم وجهه فليضع يديه وإذا رفعه فليرفعهما } رواه أحمد وأبو داود والنسائي ، وليس المراد وضعهما بعد الوجه كما تقدم .

بل إنهما تابعان له في السجود ، وغيرهما أولى أو مثلهما في ذلك ، لعدم الفارق ( ويومئ ) عاجز عن السجود على جبهته غاية ( ما يمكنه ) وجوبا بالحديث { إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم } ولا يجزئ وضع بعض أعضاء السجود فوق بعض ، كوضع ركبتيه أو جبهته على يديه . ( وسن أن يجافي ) رجل في سجوده ( عضديه عن جنبيه ) وأن يجافي ( بطنه عن فخذيه وهما ) أي وأن يجافي فخذيه ( عن ساقيه ) لحديث عبد الله ابن بحينة { كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا سجد تجنح في سجوده ، حتى يرى وضح إبطيه } متفق عليه ( ما لم يؤذ جاره ) به فيجب تركه ، لحصول الإيذاء المحرم به .

( و ) سن له أن ( يضع يديه حذو منكبيه مضمومتي الأصابع ) لحديث أبي حميد الساعدي مرفوعا { كان إذا سجد مكن جبهته وأنفه من الأرض ، ونحى يديه عن جنبيه ، ووضع يديه حذو منكبيه } رواه أبو داود والترمذي وصححه .

وفي حديث وائل بن حجر { كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا سجد ضم أصابعه } رواه البيهقي ( وله ) أي المصلي ( أن يعتمد بمرفقيه على فخذيه ، إن طال ) سجوده ليستريح . لقوله صلى الله عليه وسلم - وقد شكوا إليه مشقة السجود عليهم { استعينوا بالركب } رواه أحمد . .

( و ) سن له أن ( يفرق ركبتيه ) لما في حديث أبي حميد { وإذا سجد فرج بين فخذيه ، غير حامل بطنه على شيء من فخذيه } .

( و ) سن له أن يفرق ( أصابع رجليه ويوجهها إلى القبلة ) لما في البخاري أن النبي صلى الله عليه وسلم { سجد غير مفترش ولا قابضهما ، واستقبل بأطراف رجليه القبلة } وفي رواية { وفتح أصابع رجليه } ( ويقول ) في سجود ( تسبيحه ) أي سبحان ربي الأعلى وتقدم ما [ ص: 199 ] يجزئ منه .

وأدنى الكمال منه وأعلاه ، وإن علا موضع رأسه فلم تستعمل أسافله بلا حاجة جاز ، ذكره في المبدع . وإن خرج عن صفة السجود لم يجزئه ، قاله أبو الخطاب وغيره ، وإن سقط بجنبه ثم انقلب ساجدا ونواه أجزأه . قال في الفروع

التالي السابق


الخدمات العلمية