صفحة جزء
( ولا ) يصح ( رجوع واهب ) في هبته ( بعد قبض ) ولو نقوطا أو حمولة في نحو عرس كما في الإقناع للزومها به ( ويحرم ) الرجوع بعده . لحديث ابن عباس مرفوعا { العائد في هبته كالكلب يقيء ثم يعود في قيئه } متفق عليه وسواء عوض عنها أو لم يعوض ، لأن الهبة المطلقة لا تقتضي ثوابا ( إلا من وهبت زوجها ) شيئا ( بمسألته ) إياها ( ثم ضرها بطلاق أو غيره ) كتزويج عليها نقل أبو طالب : إذا وهبت له مهرها فإن كان سألها ذلك رده إليها رضيت أو كرهت . لأنها لا تهب إلا مخافة غضبه أو إضرارا بأن يتزوج عليها . وإن لم يكن سألها وتبرعت به فهو جائز ، وغير الصداق كالصداق ( و ) إلا ( الأب ) لحديث طاوس عن ابن عمر وابن عباس مرفوعا [ ص: 438 ] { ليس لأحد أن يعطي عطية ثم يرجع فيها إلا الوالد فيما يعطي ولده } رواه الترمذي وحسنه . وسواء أراد التسوية بين أولاده بالرجوع أو لا . وظاهره : ولو كافرا وهب لولده الكافر شيئا ثم أسلم الولد . ومنعه الشيخ تقي الدين إذن . وفرق أحمد بين الأب والأم بأن له أن يأخذ من مال ولده بخلافها ( ولو تعلق بما وهبه ) الأب لولده ( حق كفلس ) بأن أفلس الوالد ، وظاهره ولو حجر عليه . وفيه ما ذكرته في شرح الإقناع ( أو ) تعلق به ( رغبة كتزويج ) بأن زوج الولد الموهوب رغبة فيما بيده من المال الموهوب له . لعموم الخبر والرجوع في الصدقة كالهبة ( إلا إذا وهبه ) أي : وهب الوالد لولده ( سرية للإعفاف ) فلا رجوع له فيها ( ولو استغنى ) الابن عنها بتزوجه أو شرائه غيرها ونحوه . وإن لم تصر أم ولد نصا لأنها ملحقة بالزوجة ( أو ) أي : وإلا ( إذا أسقط ) الأب ( حقه منه ) أي : الرجوع فيما وهبه لولده فيسقط ، خلافا لما في الإقناع لأن الرجوع مجرد حقه وقد أسقطه بخلاف ولاية النكاح فإنها حق عليه لله تعالى وللمرأة لإثمه بالعضل ( ولا يمنعه ) أي : الرجوع ( نقص ) عين موهوبة بيد ولد سواء نقصت قيمتها أو ذاتها بتآكل بعض أعضائها أو جني عليها أو جنى فتعلق أرش الجناية برقبته ونحوه . فإن رجع فأرش جنايته على الأب ولا ضمان على الابن له ، وأرش جناية عليه للابن لأنها بمنزلة الزيادة المنفصلة ( أو ) أي : ولا يمنعه ( زيادة منفصلة ) كولد وثمرة وكسب لأن الرجوع في الأصل دون النماء ( وهي ) أي الزيادة ( للولد ) لحدوثها في ملكه ، ولا تتبع في الفسوخ فكذا هنا ( إلا إذا حملت الأمة ) الموهوبة للولد ( وولدت ) عنده ( فيمنع ) الرجوع ( في الأم ) الموهوبة لتحريم التفريق بين الوالدة وولدها ( وتمنعه ) أي : الرجوع لزيادة ( المتصلة ) كسمن وكبر وحمل وتعلم صنعة ، لأن الزيادة للموهوب له لأنها إنماء ملكه ولم تنتقل إليه من جهة أبيه . فلم يملك الرجوع فيها كالمنفصلة . وإذا امتنع الرجوع فيها امتنع في الأصل لئلا يفضي إلى سوء المشاركة وضرر التشقيص بخلاف الرد بالعيب فإنه من المشتري وقد رضي ببذل الزيادة . قال في المغني : وإن زاد ببرئه من مرض أو صمم منع الرجوع كسائر الزيادات ( ويصدق أب في عدمها ) أي : الزيادة . لأنه منكر لها . والأصل عدمها .

( و ) يمنع الرجوع ( رهنه ) اللازم لما وهبه له أبوه . لأن في رجوعه إبطالا لحق المرتهن وإضرارا به ( إلا أن ينفك ) الرهن بوفاء أو غيره فيملك الرجوع إذن ، لأن ملك الابن لم يزل وقد زال المانع .

( و ) تمنع الرجوع ( هبة [ ص: 439 ] الوالد ) ما وهبه له أبوه ( لولده ) لأن في رجوع الأول إبطالا لملك غير ابنه وهو لا يملك ذلك ( إلا أن يرجع هو ) أي : الثاني في هبته لابنه فللأول الرجوع إذن لعود الملك إليه بالسبب ) الأول ( و ) يمنع الرجوع ( بيعه ) أي : الولد لما وهبه له أبوه ، وكذا هبته ووقفه ونحوه ، مما ينقل الملك أو يمنع التصرف كالاستيلاء . وكذا لا رجوع له في دين أبرأ ولده منه أو منفعة أباحها له بعد استيفائها كسكنى دار ونحوها ( إلا أن يرجع ) المبيع ( إليه ) أي : إلى الولد ( بفسخ أو فلس مشتر ) فللأب الرجوع فيه إذن لعوده للولد بالسبب الأول . أشبه الفسخ بالخيار ، بخلاف ما لو اشتراه الولد أو اتهبه ونحوه فلا رجوع للأب فيه . لأنه عاد للولد بملك جديد لم يستفده من قبل أبيه فلم يملك إزالته كما لو لم يكن موهوبا . و ( لا ) يمنع رجوع الأب في رقيق وهبه لولده ( إن دبره ) الولد ( أو كاتبه ) لأنهما لا يمنعان من التصرف في الرقبة بالبيع ونحوه . أشبها ما لو زوجه أو آجره ( ويملكه ) أي : الأب الرقيق الذي رجع فيه بعد أن كاتبه ولده ( مكاتبا ) لأن الولد لا يملك إبطال كتابته . فكذا من انتقل إليه وكذا إجارة وتزويج ونحوهما . وما أخذه الولد من دين كتابة أو مهر أمة لم يأخذه منه أبوه . وما حل بعد رجوع أب فله . ولا يمنع الرجوع وطء الأمة إن لم تحمل من الابن ولا تعليق العتق بصفة ولا المزارعة على أرض موهوبة أو مساقاة على شجر موهوب ونحوه

التالي السابق


الخدمات العلمية