صفحة جزء
( و ) سن أن تكون ( الصلاة إلى سترة ) فإن كان في مسجد ، أو بيت : صلى إلى حائط ، أو سارية ، وإن كان في فضاء ، صلى إلى سترة بين يديه ( مرتفعة ) قدر ذراع فأقل ، لحديث طلحة بن عبد الله مرفوعا { إذا وضع أحدكم بين يديه مثل مؤخرة الرحل ، فليصل ولا يبالي من مر وراء ذلك } " رواه مسلم . ومؤخرة الرحل : عود في مؤخرته ، ضد قادمته ، وتختلف ، فتارة تكون ذراعا وتارة تكون دونه

والمراد : رحل البعير ، وهو أصغر من القتب ، وسواء في ذلك الحضر والسفر ، خشي مارا بين يديه أو لا ، وكان النبي صلى الله عليه وسلم " تركز له الحربة في السفر فيصلي إليها ، ويعرض له البعير فيصلي إليه " ( وعرضها ) أي : السترة ( أعجب إلى ) الإمام ( أحمد ) قال : ما كان أعرض فهو أعجب إلي ا هـ . لحديث سمرة مرفوعا { استتروا في الصلاة ولو بسهم } " رواه الأثرم ،

فقوله " ولو بسهم " يدل على أن غيره أولى منه ( و ) سن ( قربه ) أي : المصلي ( منها ) أي : السترة ( نحو ثلاثة أذرع من قدميه ) لحديث سهل بن أبي حثمة مرفوعا { إذا صلى أحدكم إلى سترة فليدن منها لا يقطع الشيطان عليه صلاته } " رواه أبو داود .

وعن سهل بن سعد { كان بين النبي صلى الله عليه وسلم وبين السترة ممر الشاة } " رواه البخاري .

{ وصلى في الكعبة وبينه وبين الجدار نحو ثلاثة أذرع } " رواه أحمد والبخاري .

( و ) سن ( انحرافه عنها ) أي : السترة ( يسيرا ) لفعل النبي صلى الله عليه وسلم رواه أحمد وأبو داود ، من حديث المقداد بإسناد لين ، لكن عليه جماعة من العلماء ، على ما قال ابن عبد البر ( وإن تعذر ) على مصل ( غرز عصا ، وضعها ) بين يديه ، نقله الأثرم ( ويصح ) تستر ( ولو بخيط ، أو ما اعتقده سترة ) وسترة مغصوبة كغيرها ،

قدمه في الرعاية ، وفيه وجه ، قال الناظم : وعلى قياسه : سترة الذهب .

وفي الإنصاف : الصواب أن النجسة ليست كالمغصوبة ( فإن لم يجد ) شيئا ( خط ) خطا [ ص: 215 ] ( كالهلال ) وصلى إليه . قال في الشرح : وكيفما خط أجزأه لحديث أبي هريرة مرفوعا { إذا صلى أحدكم فليجعل تلقاء وجهه شيئا فإن لم يجد فلينصب عصا فإن لم يكن معه عصا فليخط خطا ثم لا يضره من مر أمامه } .

" رواه أبو داود ( فإذا مر من ورائها ) أي : السترة ( شيء ، لم يكره ) لما تقدم ( فإن لم تكن ) سترة ( فمر ) لا إن وقف ( بين يديه كلب أسود بهيم ) أي : لا يخالطه لون آخر ( بطلت صلاته ) وكذا لو مر بينه وبين سترته ، لحديث أبي ذر مرفوعا { إذا قام أحدكم يصلي فإنه يستره مثل آخرة الرحل ، فإن لم يكن بين يديه مثل آخرة الرحل فإنه يقطع صلاته : المرأة والحمار والكلب الأسود } .

" { قال عبد الله بن الصامت : ما بال الكلب الأسود من الكلب الأحمر من الكلب الأصفر ؟ قال : يا ابن أخي سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم كما سألتني فقال : الكلب الأسود شيطان } " رواه مسلم وغيره . و ( لا ) تبطل ، إن مر بين يديه ( امرأة وحمار وشيطان ) وكلب غير ما سبق . لأن زينب بنت أم سلمة " مرت بين يديه صلى الله عليه وسلم فلم تقطع صلاته " رواه أحمد وابن ماجه بإسناد حسن .

وعن الفضل بن عباس قال : { أتانا رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن في بادية فصلى في الصحراء ، ليس بين يديه سترة ، وحمار لنا وكليبة يعبثان بين يديه ، فما بالى بذلك } " رواه أحمد وأبو داود . لكنه مخصوص بحديث أبي ذر ، وأما حديث أبي سعيد { لا يقطع الصلاة شيء } " رواه أبو داود فيرويه مجاهد ، وهو ضعيف .

( وسترة الإمام : سترة لمن خلفه ) روي عن أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم " كان يصلي إلى سترة " ولم ينقل أنه أمر أصحابه بسترة أخرى فلا يضرهم مرور شيء بين أيديهم ولو مما يقطع الصلاة ، وإن مر بين يدي الإمام ما يقطع صلاته قطع صلاتهم أيضا .

وهل يرد المأمومون من مر بين أيديهم ؟ وهل يأثم ؟ فيه احتمالان ميل صاحب الفروع : إلى أن لهم رده ، وأنه يأثم . وصوبه ابن نصر الله ، والمراد بمن خلفه : من اقتدى به ، سواء كان وراءه أو بجانبه أو قدامه حيث صحت ، كما أشار إليه ابن نصر الله .

التالي السابق


الخدمات العلمية