صفحة جزء
و أركانها أربعة : موص ووصية وموصى به وموصى له . وقد أشار إلى الأول بقوله ( من مكلف لم يعاين الموت ) فإن عاينه لم تصح . لأنه لا قول له والوصية قول . قال في الفروع : ولنا خلاف هل تقبل التوبة ما لم يعاين ملك الموت ، أوما دام مكلفا أو ما لم يغرغر ؟ قال في تصحيح الفروع : والأقوال الثلاثة متقاربة . والصواب تقبل ما دام عقله ثابتا . .

وفي مسلم [ ص: 454 ] وغيره " { يا رسول الله أي الصدقة أفضل ؟ فقال : أن تتصدق وأنت صحيح شحيح تخشى الفقر وتأمل الغنى . ولا تمهل حتى إذا بلغت الحلقوم قلت : لفلان كذا ولفلان كذا . وقد كان لفلان } " قال في شرح مسلم إما من عنده أو حكاية عن الخطابي : والمراد قاربت بلوغ الحلقوم ، إذ لو بلغته حقيقة لم تصح وصيته ولا صدقته ولا شيء من تصرفاته باتفاق الفقهاء ( ولو ) كان موص ( كافرا أو فاسقا ) أو امرأة أو قنا فيما عدا المال . وفيه وإن لم يعتق . فلا وصية لانتفاء ملكه ، وكذا مكاتب ونحوه ( أو أخرس ) بإشارة لصحة هبتهم فوصيتهم أولى . و ( لا ) تصح إن كان موص ( معتقلا لسانه بإشارة ) ولو مفهومة نصا لأنه غير مأيوس من نطقه . أشبه الناطق ( أو ) كان ( سفيها ) ووصى ( بمال ) فتصح لتمحضها نفعا له بلا ضرر كعباداته . ولأن الحجر عليه لحفظ ماله ولا إضاعة فيها له . لأنه إن عاش فماله له . وإن مات فله ثوابه ، وهو أحوج إليه من غيره . و ( لا ) تصح الوصية من سفيه ( على ولده ) لأنه لا يملك التصرف عليه بنفسه فوصيه أولى ( ولا ) تصح الوصية من موص إن كان ( سكران ) لأنه حينئذ غير عاقل أشبه المجنون . وطلاقه إنما وقع تغليظا عليه ( أو ) كان ( مبرسما ) فلا تصح وصيته . لأنه لا حكم لكلامه . أشبه المجنون . وكذا المغمى عليه . فإن كان يفيق أحيانا ووصى في إفاقته صحت .

( و ) تصح الوصية ( من مميز ) يعقلها لتمحضها نفعا له كإسلامه وصلاته لأنها صدقة يحصل له ثوابها بعد غناه من ماله ، فلا ضرر يلحقه في عاجل دنياه ولا أخراه بخلاف الهبة . و ( لا ) تصح من ( طفل ) لأنه لا يعقل الوصية ، ولا حكم لكلامه وأشار إلى الثاني من أركان الوصية بقوله ( بلفظ ) مسموع من الموصي بلا خلاف ( وبخط ) لحديث ابن عمر وتقدم أول الباب ( ثابت ) أنه خط موص ( بإقرار ورثة أو ) إقامة ( بينة ) أنه خطه . وقال القاضي في شرح المختصر : ثبوت الخط يتوقف على معاينة البينة أو الحاكم لفعل الكتابة لأن الكتابة عمل ، والشهادة على العمل طريقها الرؤية نقله الحارثي . والمقدم الأول . ولأن الوصية يتسامح فيها . ولهذا صح تعليقها . و ( لا ) تصح ( إن ختمها ) موص ( وأشهد عليها ) مختومة ولم يعلم الشاهد ما فيها ( ولم يتحقق أنها ) أي الوصية ( بخطه ) أي الموصي . لأن الشاهد لا يجوز له الشهادة بما فيها بمجرد هذا القول لعدم علمه بما فيها ، ككتاب القاضي إلى القاضي . [ ص: 455 ] فإن ثبت أنها خطه عمل بها لما تقدم . ويجب العمل بوصية ثبتت بشهادة أو إقرار ورثة ولو طالت مدتها ما لم يعلم رجوعه عنها . لأن حكمها لا يزول بتطاول الزمان ومجرد الاحتمال والشك كسائر الأحكام . والأولى كتابتها والإشهاد على ما فيها لأنه أحفظ لها . وعن أنس " كانوا يكتبون في صدور وصاياهم بسم الله الرحمن الرحيم . هذا ما أوصى به فلان أنه يشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأن محمدا عبده ورسوله ، وأن الساعة آتية لا ريب فيها وأن الله يبعث من في القبور ، وأوصى من ترك من أهله أن يتقوا الله ويصلحوا ذات بينهم ، ويطيعوا الله ورسوله إن كانوا مؤمنين ، وأوصاهم بما أوصى به إبراهيم بنيه ويعقوب : يا بني إن الله اصطفى لكم الدين . فلا تموتن إلا وأنتم مسلمون " رواه سعيد

التالي السابق


الخدمات العلمية