صفحة جزء
النوع ( الثاني ) من المياه ( طاهر ) غير مطهر ( كماء ورد ) وكل مستخرج بعلاج لأنه لا يصدق عليه اسم الماء بلا قيد ، ولا يلزم من وكل في شراء ماء قبوله .

( و ) ك ( طهور تغير كثير من لونه أو طعمه أو ريحه ) بمخالط طاهر طبخ فيه ، كماء الباقلاء والحمص ، أو لا ، كزعفران سقط فيه فتغير به كذلك وأنه زال إطلاق اسم الماء عليه ، وزال عنه أيضا ، معنى الماء ، فلا يطلب بشربه الإرواء

وعلم منه أن ما تغير جميع أوصافه أو كل صفة منها بطاهر أو غلب عليه طاهر بالأولى ، وأن يسير صفة لا يسلبه الطهورية ، لحديث أحمد والنسائي عن أم هانئ أنه صلى الله عليه وسلم { اغتسل هو وزوجته ميمونة من قصعة فيها أثر العجين } .

ويأتي حكم النبيذ في حد المسكر ( في غير محل [ ص: 18 ] التطهير ) فإن تغير في محله لم يؤثر ، وتقدم ( ولو ) كان التغير ( بوضع ) آدمي في الماء ( ما يشق صونه عنه ) كطحلب وورق شجر وضعه في الماء قصدا ، فيسلبه الطهورية إذا تغير به كما تقدم ، كسائر الطاهرات التي لا يشق التحرز منها ( أو بخلط ) أي اختلاط الماء ب ( ما لا يشق ) صونه عنه ، كحبر ، سواء كان بفعل آدمي أو لا .

وإن تغير بعض الماء دون بعض فلكل حكمه ، ومتى زال تغيره عادت طهوريته ( غير تراب ) طهور ، فلا يسلب الماء الطهورية ( ولو ) وضع فيه ( قصدا ) لأنه أحد الطهورين .

( و ) غير ( ما مر ) في قسم الطهور ، كالذي لا يخالط الماء .

كعود قماري ، وقطع كافور ، وكملح مائي سواء وضع قصدا أو لا ، وما يشق صون الماء عنه .

( و ) كطهور ( قليل استعمل في رفع حدث ) لحديث مسلم عن أبي هريرة مرفوعا { لا يغتسلن أحدكم في الماء الدائم وهو جنب } ولأنه استعمل في عبادة على وجه الإتلاف ، فلم يمكن استعماله فيها ثانيا ، كالرقبة في الكفارة ، " وصب صلى الله عليه وسلم على جابر من وضوئه " رواه البخاري ، فدل على طهارته ومثله ماء غسل به ميت ولا فرق فيما تقدم بين الحدث الأكبر والأصغر .

ولا بين الكبير والصغير الذي تصح طهارته ( ولو ) كان استعماله في رفع الحدث ( بغمس بعض عضو من عليه حدث أكبر ) كجنابة أو حيض أو نفاس ( بعد نية رفعه ) أي الحدث .

وكذا لو انغمس كله أو بعضه ، ثم نوى رفع الحدث فيه ، فيتسالب الطهورية لما تقدم ، ولا يرتفع الحدث عن ذلك المغموس وخرج بقوله : أكبر : من عليه حدث أصغر فلا يضر اغتراف متوضئ ولو بعد غسل وجهه ، إن لم ينو غسلها فيه لمشقة تكرره .

( ولا يصير ) الماء ( مستعملا ) في الطهارتين ( إلا بانفصاله ) عن المغسول ، لأنه حينئذ يصدق عليه أنه استعمل ، وما دام الماء مترددا على العضو فطهور ، كالكثير ، لكن يكره الغسل في الماء الراكد ، ويرتفع حدثه قبل انفصاله ( أو ) أي وكقليل طهور استعمل في ( إزالة خبث ) طارئ على أرض أو غيرها ( وانفصل ) فإن لم ينفصل فطهور ، وإن تغير بالنجاسة ما دام في محل التطهير ( غير متغير ) فإن انفصل متغير بالنجاسة فنجس ( مع زواله ) أي الخبث فإن انفصل والخبث باق فنجس مطلقا متغير أو غير متغير ( عن محل ، طهر ) أي صار طاهرا ، فإن لم يكن المحل طهر ، كما قبل السابعة حيث اعتبر السبع : فنجس مطلقا ، [ ص: 19 ] وحيث وجدت القيود المذكورة فهو طاهر ، لأن المنفصل بعض المتصل .

والمتصل طاهر ، فكذلك المنفصل ( أو ) أي وكطهور قليل ( غسل به ذكره وأنثييه لخروج مذي دونه ) أي المذي لتنجسه به ، لأنه في معنى غسل يدي القائم من نوم الليل ( أو ) أي وكطهور قليل ( غمس فيه كل يد مسلم مكلف قائم من نوم ليل ناقض لوضوء ) لو كان ( أو حصل ) الماء القليل ( في كلها ) أي اليد ، بأن صب على جميع يده من الكوع إلى أطراف أصابعه ( ولو باتت ) أي اليد المذكورة ( مكتوفة أو بجراب ) بكسر الجيم ( ونحوه ) ككيس صفيق ( قبل غسلها ) أي اليد ( ثلاثا ) فلا يكفي غسلها مرة أو مرتين ( نواه ) أي الغسل ( بذلك ) الغمس أو الحصول ( أو لا ) أي أو لم ينوه .

لقوله صلى الله عليه وسلم { إذا استيقظ أحدكم من نومه فليغسل يديه قبل أن يدخلهما في الإناء ثلاثا . فإن أحدكم لا يدري أين باتت يده } رواه مسلم وكذا البخاري ، إلا أنه لم يذكر ثلاثا فلولا أنه يفيد معنى لم ينه عنه ، وعلم منه أنه لا أثر لغمس بعض اليد ولا يد كافر ، ولا غير مكلف ، ولا غير قائم من نوم ليل ينقض الوضوء ، كنوم النهار لأن الصحابة المكلفين هم المخاطبون بذلك ، والمبيت إنما يكون بالليل والخبر إنما ورد في كل اليد ، وهو تعبدي ، فلا يقاس عليه بعضها .

ولا يفرق بين المطلقة والمشدودة بنحو جراب ، لعموم الخبر . ولأن الحكم إذا علق على المظنة لم تعتبر حقيقة الحكمة ، كالعدة لاستبراء الرحم من الصغيرة والآيسة ( ويستعمل ذا ) الماء الذي غمس فيه كل اليد أو حصل في كلها : في الوضوء والغسل ، وإزالة النجاسة ، وكذا ما غسل به ذكره وأنثييه لخروج مذي دونه ( إن لم يوجد غيره ) لقوة الخلاف فيه ، والقائلون بطهوريته أكثر من القائلين بسلبها ( مع تيمم ) أي ثم يتيمم وجوبا حيث شرع ، لأن الحدث لم يرتفع لكون الماء غير طهور فإن ترك استعماله أو التيمم بلا عذر ، أعاد ما صلى به ، لتركه الواجب عليه .

فإن كان لعذر فلا ، كما يعلم من كلامهم فيما يأتي ، ولا أثر لغمسها في مائع طاهر ، لكن يكره غمسها في مائع وأكل شيء رطب بها ، قاله في المبدع ( وطهور منع منه لخلوة المرأة ) المكلفة به لطهارة كاملة عن حدث ( أولى ) بالاستعمال ، مع عدم غيره من هذا الماء ، لبقاء طهوريته ، ويتيمم في محله .

وعلى هذا لو وجد هذين الماءين وعدم غيرهما فالطهور المذكور أولى مع التيمم ( أو ) أي وكطهور قليل ( خلط بمستعمل ) في رفع [ ص: 20 ] حدث أو إزالة خبث ، وانفصل غير متغير مع زواله عن محل طهر ، أو غسل به الذكر والأنثيين لخروج مذي دونه ، أو غسل كل يد القائم من نوم ليل ناقض لوضوء ، أو غمس فيه ، أو غسل به ميت وكان المستعمل بحيث ( لو خالفه ) أي الطهور ( صفة ) أي في صفة من صفاته ، بأن يفرض المستعمل مثلا أحمر أو أصفر أو أسود ( غيره ) أي الطهور القليل ، فيسلبه الطهورية ( ولو بلغا ) أي الطهور والمستعمل إذن ( قلتين ) كالطاهر غير الماء ، وكخلط مستعمل بمستعمل يبلغان قلتين ، فلا يصير طهورا ، ونصه : فيمن انتضح من وضوئه في إنائه لا بأس ، وإن كان الطهور قلتين وخلط مستعمل لم يؤثر مطلقا .

التالي السابق


الخدمات العلمية