صفحة جزء
( وإن علم ) المدعو ( أن في الدعوة منكرا كزمر ، وخمر ) ، وآلة لهو ( ، وأمكنه الإنكار حضر ، وأنكر ) لأدائه بذلك فرضين إجابة أخيه المسلم ، وإزالة المنكر ( وإلا ) يمكنه الإنكار ( لم يحضر ) ، ويحرم عليه الحضور لحديث ابن عمر سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : { من كان يؤمن بالله ، واليوم الآخر فلا يقعد على مائدة يدار عليها الخمر } رواه أحمد ، ورواه الترمذي من حديث جابر ; ولأنه يكون قاصدا لرؤية المنكر أو سماعه بلا حاجة ( ولو حضر ) بلا علم بالمنكر ( فشاهده ) أي : المنكر ( أزاله ) وجوبا للخبر ( ، وجلس ) بعد زواله إجابة للداعي ( فإن لم يقدر على إزالته ( انصرف ) لئلا يكون قاصدا لرؤيته أو سماعه ، وروى { نافع قال [ ص: 35 ] كنت أسير مع عبد الله بن عمر فسمع زمارة راع فوضع إصبعيه في أذنيه ثم عدل عن الطريق ، فلم يزل يقول : يا نافع أتسمع ؟ حتى قلت : لا . فأخرج إصبعيه من أذنيه ثم رجع إلى الطريق ثم قال : هكذا رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم صنع } رواه أبو داود ، والخلال . وخرج أحمد من وليمة فيها آنية فضة فقال الداعي : نحولها فأبى أن يرجع . نقله حنبل ( وإن علم به ) أي : المنكر ( ولم يره ولم يسمعه أبيح الجلوس ) ، والأكل نصا ; لأنه لا يلزمه الإنكار إذن وله الانصراف فيخبر ( وإن شاهد ستورا معلقة فيها صورة حيوان كره ) جلوسه ما دامت معلقة .

قال في الإنصاف : ، والمذهب لا يحرم . انتهى ; لأنه صلى الله عليه وسلم { دخل الكعبة فرأى فيها صورة إبراهيم ، وإسماعيل يستقسمان بالأزلام فقال : قاتلهم الله لقد علموا أنهما ما استقسما بها } رواه أبو داود ، و ( لا ) يكره جلوسه ( إن كانت ) الصور المصورة ( مبسوطة ) على الأرض ( أو ) كانت ( على وسادة ) لحديث عائشة قالت : { قدم النبي صلى الله عليه وسلم من سفر ، وقد سترت له سهوة بنمط فيه تصاوير فلما رآه قال : أتسترين الجدر بستر فيه تصاوير ؟ فهتكه قالت : فجعلت منه منبذتين كأني أنظر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم متكئا على إحداهما } رواه ابن عبد البر ، والسهوة الصفة أو المخدع بين بيتين أو شبه الرف ، والطاق يوضع فيه الشيء أو بيت صغير شبه الخزانة الصغيرة أو أربعة أعواد أو ثلاثة يعرض بعضها على بعض ثم يوضع عليه شيء من الأمتعة . قال في القاموس : والمنبذتان تثنية منبذة كمكنسة وهي الوسادة ; ولأنها إذا كانت مبسوطة تداس ، وتمتهن . فلم تكن معزوزة معظمة فلا تشبه الأصنام التي تعبد ، ومتى قطع من الصورة الرأس أو ما لا يبقى بعد ذهابه حياة ، فلا كراهة .

وكذا لو صورت ابتداء بلا رأس ونحوه . ، وتقدم في ستر العورة يحرم التصوير وما يتعلق به ( وكره ستر حيطان بستور لا صور فيها أو ) بستور ( فيها صور غير حيوان ) كشجر ( بلا ضرورة من حر أو برد ) وهو عذر في ترك الإجابة لما روى سالم بن عبد الله بن عمر قال : . أعرست في عهد أبي فأذن إلى الناس فيمن أذن أبو أيوب وقد ستر بيتي بحبارى أخضر فأقبل أبو أيوب مسرعا فاطلع فرأى البيت مستترا بحبارى أخضر فقال : يا عبد الله أسترت الجدر فقال أبي ، واستحيا : غلبتنا النساء يا أبا أيوب فقال : من خشيت أن يغلبنه لم أخش أن يغلبنك ثم قال لا أطعم لك طعاما ولا أدخل لك [ ص: 36 ] بيتا ثم خرج رواه الأثرم ولا يحرم لعدم الدليل على تحريمه وقد فعله ابن عمر ، وفعل في زمن الصحابة ; ولأنه تغطية للحيطان فهو بمنزلة التجصيص والحديث السابق محمول على الكراهة ( إن لم تكن ) الستور ( أو يحرم به ) أي : يحرم ستر الحيطان بالحرير ، وتعليقه ، وتقدم في ستر العورة ( و ) يحرم ( جلوس معه ) أي : مع ستر الحيطان بالحرير لما فيه من الإقرار على المنكر .

التالي السابق


الخدمات العلمية