صفحة جزء
[ ص: 238 ] نفقة الأقارب والعتيق ونفقة المماليك من الآدميين والبهائم وأجمعوا على وجوب نفقة الوالدين والمولودين لقوله تعالى : { وعلى المولود له رزقهن وكسوتهن بالمعروف } وقوله تعالى : { وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا } ومن الإحسان الإنفاق عليهما عند حاجتهما وحديث هند " { خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف } " متفق عليه .

وعن عائشة رضي الله عنها مرفوعا " { إن أطيب ما أكل الرجل من كسبه ، وإن ولده من كسبه } " رواه أبو داود ; لأن ولد الإنسان بعضه وهو بعض والده فكما يجب عليه أن ينفق على نفسه وأهله فكذلك على بعضه وأهله .

( وتجب ) النفقة ( كاملة ) إن كان المنفق عليه لا يملك شيئا ولم يكن مع المنفق من يشركه في الإنفاق ( أو إكمالها ) إن وجد المنفق عليه بعضها بثلاثة شروط الأول كون منفق من عمودي نسبه أو وارثا له وإليه أشار بقوله ( لأبويه وإن علوا وولده وإن سفل حتى ذي الرحم منهم ) أي الوالدين والأولاد ( حجبه ) أي الغني منهم ( معسر ) كجد موسر مع أب معسر ونحوه ( أو لا ) أي أو لم يحجبه معسر كجد موسر مع عدم أب وكذا جد مع ابن بنته ; لأن بينهما قرابة توجب العتق ، ورد الشهادة أشبه الولد والوالدين القريبين .

( و ) تجب النفقة ( لكل من ) أي فقير ( يرثه ) قريبه الغني ( بفرض ) كأخ الأم ( أو تعصيب ) كابن عم لغير أم ( لا برحم ) كخال ( ممن سوى عمودي نسبه سواء ورثه الآخر كأخ ) للغني ( أو لا كعمة وعتيق ) فإن العمة لا ترث ابن أخيها بفرض ولا تعصيب وهو يرثها بالتعصيب وكذا العتيق لا يرث مولاه وهو يرثه فتجب النفقة على الوارث ( بمعروف ) لقوله تعالى : { وعلى المولود له رزقهن وكسوتهن بالمعروف } إلى قوله : { وعلى الوارث مثل ذلك } فأوجب على الأب نفقة الرضاع ثم أوجب على الوارث مثل ما أوجبه على الأب ولحديث " { من أبر ؟ قال : أمك وأباك وأختك وأخاك } " .

وفي لفظ " { ومولاك الذي هو أدناك حقا واجبا ورحما موصولا } " رواه أبو داود فألزمه البر والصلة والنفقة من الصلة وقد جعلها حقا واجبا . الشرط الثاني حاجة منفق عليه وذكره بقوله ( مع فقر من تجب له وعجزه عن تكسب ) ; لأن النفقة إنما تجب على سبيل المواساة والغني [ ص: 239 ] يملكها والقادر بالتكسب مستغن عنها ( ولا يعتبر نقصه ) أي المنفق عليه في خلقه كزمن أو حكم كصغر وجنون ( فتجب ) النفقة ( لصحيح مكلف لا حرفة له ) ; لأنه فقير .

الشرط الثالث أن يفضل ما ينفقه عليهم عن حاجته وإليه الإشارة بقوله ( إذا فضل عن قوت نفسه ) أي المنفق ( و ) قوت ( زوجته ورقيقه يومه وليلته وكسوة وسكنى ) لهم ( من حاصل ) بيده ( أو متحصل ) من صناعة أو تجارة أو أجرة عقار أو ريع وقف ونحوه فإن لم يفضل عنده عمن ذكر شيئا فلا شيء عليه لحديث جابر مرفوعا " { إذا كان أحدكم فقيرا فليبدأ بنفسه فإن كان فضل فعلى عياله فإن كان فضل فعلى قرابته } " .

وفي لفظ " { ابدأ بنفسك ثم بمن تعول } " حديث صحيح ولأن وجوب النفقة على سبيل المواساة وهي لا تجب مع الحاجة و ( لا ) تجب النفقة على قريب ( من رأس مال ) تجارة لنقص الربح بنقص رأس ماله وربما أغنته النفقة فيحصل له الضرر وهو ممنوع شرعا ( و ) لا تجب النفقة من ( ثمن ملك و ) لا من ثمن ( آلة عمل ) لما تقدم .

( ومن قدر يكتسب ) بحيث يفضل من كسبه ما ينفقه على قريبه ( أجبر ) على تكسب ( لنفقة قريبه ) ; لأن تركه مع قدرته عليه تضييع لمن يعول وهو منهي عنه و ( لا ) تجبر ( امرأة على نكاح ) إذا رغب فيها بمهر لتنفقه على قريبها الفقير ; لأن الرغبة في النكاح قد تكون لغير المال بخلاف التكسب ( وزوجة من تجب له ) النفقة كأب وابن وأخ ( كهو ) ; لأنه من حاجة الفقير اليومية لدعاء الضرورة إليه فإذا احتاج ولم يقدر عليه ربما دعته نفسه إلى الزنا ولذلك وجب إعفافه

التالي السابق


الخدمات العلمية