صفحة جزء
ويجب إعفاف من تجب له النفقة ( من عمودي نسبه وغيرهم ) ; لأنه مما تدعو حاجته إليه ويستضر بفقده ولا يشبه ذلك الحلوى ; لأنه لا يستضر بتركها فيجب إعفاف من تجب نفقته من الآباء والأجداد والأولاد والإخوة والأعمام ويقدم إن ضاق الفاضل الأقرب فالأقرب كالنفقة ( بزوجة حرة أو سرية تعفه ) لحصول المقصود بها ( ولا يملك ) من أعف بسرية ( استرجاعها مع غناء ) أي الفقير كالزكاة ولا أن يزوجه أمة ( و ) إن عين أحدهما امرأة والآخر غيرها ( يقدم تعيين قريب ) منفق ( والمهر سواء على ) تعيين ( زوج ) ; لأنه المطلوب بنفقتها وتوابعها وليس له تعيين عجوز قبيحة المنظر أو معيبة ( ويصدق ) منفق عليه ( أنه تائق ) للنكاح ( بلا يمين ) ; لأنه مقتضى الظاهر .

وفي الفروع ويتوجه بيمينه ( ويعتبر ) لوجوب إعفاف ( عجزه ) أي المنفق عليه عن مهر حرة أو ثمن أمة فإن قدر على ذلك لم يجب على غيره .

( ويكتفي ) في الإعفاف ( بواحدة ) زوجة أو سرية لاندفاع الحاجة بها ( فإن ماتت ) زوجة أو سرية أعفه بها ( أعفه ثانيا ) ; لأنه لا صنع له في ذلك ( لا إن طلق بلا عذر ) أو أعتق السرية ولم يجعل عتقها صداقها فليس عليه أن يعفه ثانيا ; لأنه المفوت على نفسه ( ويلزمه إعفاف أم كأب ) أي كما يلزم إعفاف أب .

قال [ ص: 242 ] القاضي : ولو سلم فالأب آكد ، ولأنه لا يتصور ; لأن الإعفاف لها بالتزويج ، ونفقتها على الزوج . قال في الفروع ويتوجه تلزمه نفقته إن تعذر تزويج بدونها ، وبنت ونحوها كأم ( و ) يلزم من وجب عليه نفقته ( خادم للجميع ) أي جميع من تلزمه نفقتهم ( لحاجة ) إليه ( كالزوجة ) ; لأنه من تمام الكفاية .

( ومن ترك ما وجب عليه ) من نفقة قريب أو عتيق ( مدة لم يلزمه ) شيء ( لما مضى ) ; لأنها مواساة ( أطلقه الأكثر ) وجزم به في الفصول ( وذكر بعضهم ) منهم الموفق والشارح ( إلا بفرض حاكم ) لتأكده بفرضه ( وزاد غيره ) أي غير ذلك البعض وهو صاحب المحرر ( أو إذنه ) أي الحاكم في النفقة لمن وجبت له النفقة ( في استدانة ) قال في المحرر : وأما نفقة أقاربه فلا يلزمه لما مضى ، وإن فرضت إلا أن يستدين عليه بإذن الحاكم ( ولو غاب زوج فاستدانت ) زوجة ( لها ولأولادها الصغار ) ونحوهم ( رجعت ) نصا ولعله لتبعية نفقة أولادها لنفقتها ( ولو امتنع منها ) أي النفقة ( زوج أو قريب ) فأنفق عليهما غيره ( رجع عليه منفق ) على زوجة أو قريب ( بنية رجوع ) ; لأن الامتناع قد يكون لضعف من وجبت له . وقوة من وجبت عليه . فلو لم يملك المنفق الرجوع لضاع الضعيف ( وعلى من تلزمه نفقة صغير ) ذكرا أو أنثى من أب أو وارث غيره عند عدمه ( نفقة ظئره ) أي مرضعته ( حولين ) كاملين لقوله تعالى : { والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين } الآية وقوله : { فإن أرضعن لكم فآتوهن أجورهن } ولأن الطفل إنما يتغذى بما يتولد في المرضعة من اللبن ، وذلك إنما يحصل بالغذاء فوجبت النفقة للمرضعة ; لأنها في الحقيقة له ، ولا تجب بعد الحولين لانقضاء مدة الحاجة إلى الرضاع ( ولا يفطم قبلهما ) أي الحولين للآية ; لأنها خبر أريد به الأمر ( إلا برضا أبويه أو ) برضا ( سيده إن كان رقيقا ) فيجوز ( ما لم يتضرر ) بفطامه قبل الحولين ، فلا يجوز ولو رضيا .

وفي الرعاية هنا يحرم رضاعه بعدهما ولو رضيا ، وظاهر عيون المسائل إباحته مطلقا ( ولأبيه منع أمه من خدمته ) ; لأنه يفوت حق الاستمتاع بها في بعض الأحيان . و ( لا ) يمنعها من إرضاعه ولو أنها في حباله للآية فترضعه هي والخادم تقوم بخدمته عندها فلم يفتها رضاعه ولا حضانته ( وهي ) أي الأم ( أحق ) برضاع ولدها ( بأجرة مثلها حتى مع ) مرضعة ( متبرعة أو ) مع [ ص: 243 ] ( زوج ثان ويرضى ) لعموم قوله تعالى : { والوالدات يرضعن أولادهن } وقوله : { فإن أرضعن لكم فآتوهن أجورهن } وهو عام في جميع الأحوال ، ولأن أمه أشفق ، ولبنها أمرأ عليه ، فإن طلبت الأم أكثر من أجرة مثلها ووجد الأب من يرضعه بأجرة مثله أو متبرعة فلأب أخذه منها لقوله تعالى : { وإن تعاسرتم فسترضع له أخرى } وإن لم يجد مرضعة إلا بما طلبته الأم ، فالأم أحق لما سبق .

وإن منع الأم زوجها غير أبي الطفل من رضاعه سقط حقها لتعذر وصولها إليه ( ويلزم حرة ) إرضاع ولدها ( مع خوف تلفه ) بأن لم يقبل ثدي غيرها ونحوه حفظا له عن الهلاك كما لو لم يوجد غيرها ، ولها أجرة مثلها ، فإن لم يخف تلفه لم تجبر دنية كانت أو شريفة في حباله أو مطلقة لقوله تعالى : { وإن تعاسرتم فسترضع له أخرى } .

( و ) يلزم ( أم ولد ) إرضاع ولدها ( مطلقا ) أي خيف على الولد أم لا من سيدها أو غيره ( مجانا ) أي بلا أجرة ; لأن نفعها لسيدها ( ومتى عتقت ) أم الولد ( فك ) حرة ( بائن ) لا تجبر على إرضاعه . فإن فعلت فلها أجرة مثلها : وإن باعها أو وهبها أو زوجها سقطت حضانتها على ظاهر ما ذكره ابن عقيل في فنونه . وعلى هذا يسقط حقها من الرضاع .

قاله ابن رجب ( ولزوج ثان ) أي غير أب الرضيع ( منعها من إرضاع ولدها من ) الزوج ( الأول ) أو من شبهة أو زنا ; لأنه يفوت حقه من الاستمتاع بها في بعض الأحيان ( إلا لضرورته ) أي الولد بأن لا يوجد من يرضعه غيرها أو لا يقبل ثدي غيرها ( أو شرطها ) بأن شرطت في العقد أن لا يمنعها رضاع ولدها فلها شرطها كما تقدم ومن أرضعت ولدها وهي في حبال أبيه فاحتاجت لزيادة نفقة لزمه ; لأن عليه كفايتها .

التالي السابق


الخدمات العلمية