صفحة جزء
فصل في مسائل من أحكام الجن ( الجن مكلفون في الجملة ) إجماعا لقوله تعالى : { وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون } " ( يدخل كافرهم النار ) إجماعا ( و ) يدخل ( مؤمنهم الجنة ) لعموم الأخبار .

وقال أبو حنيفة : ويصيرون ترابا كالبهائم وثوابه النجاة من النار ( وهم ) أي : مؤمنو الجن ( فيها ) أي : الجنة ( كغيرهم ) من الآدميين ( على قدر ثوابهم ) لعموم الأخبار ، خلافا لمن قال : لا يأكلون ولا يشربون ، أو أنهم في ربض الجنة ، أي : ما حولها .

قال الشيخ تقي الدين : ونراهم فيها ولا يروننا ( وتنعقد بهم ) أي : مؤمني الجن ( الجماعة ) قال في شرحه : لا الجمعة .

وفي النوادر : تنعقد الجمعة والجماعة بالملائكة وبمسلمي الجن ، وهو موجود زمن النبوة وذكره أيضا عن أبي البقاء من أصحابنا .

قال في الفروع : كذا قالا ، والمراد بالجمعة من لزمته ( وليس منهم رسول ) وقوله تعالى : { يا معشر الجن والإنس ألم يأتكم رسل منكم } " على حد قوله تعالى : { يخرج منهما اللؤلؤ والمرجان } " وقوله تعالى : { وجعل القمر فيهن نورا } " قال ابن حامد : ومذاهب العلماء إخراج الملائكة عن التكليف والوعيد .

وقال الشيخ تقي الدين : ليس الجن كالإنس في الحد والحقيقة فلا يكون ما أمروا به وما نهوا عنه مساويا لما على الإنس في الحد والحقيقة لكنهم شاركوهم في جنس التكليف بالأمر والنهي والتحليل [ ص: 269 ] والتحريم ، بلا نزاع أعلمه بين العلماء ا هـ .

وقوله صلى الله عليه وسلم : { كان النبي يبعث إلى قومه خاصة } " يدل على أنه لم يبعث إليهم نبي قبل نبينا .

وروي عن ابن عباس ( ويقبل قولهم ) أي : الجن ( إن ما بيدهم ملكهم مع إسلامهم ) كما يقبل قول الآدمي بيمينه في ذلك فيصح معاملتهم بشرطها .

ويجري التوارث بينهم ( وكافرهم كالحربي ) يقتل إن لم يسلم ( ويحرم عليهم ظلم الآدميين وظلم بعضهم بعضا ) للحديث القدسي { يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرما فلا تظالموا } رواه مسلم وكان الشيخ تقي الدين : إذا أتي بالمصروع وعظ من صرعه وأمره ونهاه فإذا انتهى وفارق المصروع ، أخذ عليه العهد أن لا يعود ، وإن لم يأتمر ولم ينته ولم يفارقه ضربه حتى يفارقه ،

والضرب يقع في الظاهر على المصروع وإنما يقع في الحقيقة على من صرعه به ويصيح ويخبر المصروع إذا أفاق بأنه لم يشعر بشيء من ذلك ( وتحل ذبيحتهم ) أي : مؤمني الجن لعدم المانع وأما ما يذبحه الآدمي لئلا يصيبه أذى من الجن فنهي عنه ( وبولهم وقيؤهم طاهران ) لظاهر حديث ابن مسعود { قال : ذكر عند النبي صلى الله عليه وسلم رجل نام ليلة حتى أصبح قال ذاك رجل بال الشيطان في أذنه } " متفق عليه

خص الأذن لأنها آلة الانتباه قال إبراهيم الحربي : ظهر عليه وسخر منه ولحديث { لما سمى ذلك الرجل في أثناء طعامه قال قاء الشيطان كل شيء أكله } رواه أبو داود والنسائي وصححه الحاكم .

التالي السابق


الخدمات العلمية