صفحة جزء
[ ص: 2631 ] ولقد آتينا داود وسليمان علما وقالا الحمد لله الذي فضلنا على كثير من عباده المؤمنين (15) وورث سليمان داود وقال يا أيها الناس علمنا منطق الطير وأوتينا من كل شيء إن هذا لهو الفضل المبين (16) وحشر لسليمان جنوده من الجن والإنس والطير فهم يوزعون (17) حتى إذا أتوا على واد النمل قالت نملة يا أيها النمل ادخلوا مساكنكم لا يحطمنكم سليمان وجنوده وهم لا يشعرون (18) فتبسم ضاحكا من قولها وقال رب أوزعني أن أشكر نعمتك التي أنعمت علي وعلى والدي وأن أعمل صالحا ترضاه وأدخلني برحمتك في عبادك الصالحين (19) وتفقد الطير فقال ما لي لا أرى الهدهد أم كان من الغائبين (20) لأعذبنه عذابا شديدا أو لأذبحنه أو ليأتيني بسلطان مبين (21) فمكث غير بعيد فقال أحطت بما لم تحط به وجئتك من سبإ بنبإ يقين (22) إني وجدت امرأة تملكهم وأوتيت من كل شيء ولها عرش عظيم (23) وجدتها وقومها يسجدون للشمس من دون الله وزين لهم الشيطان أعمالهم فصدهم عن السبيل فهم لا يهتدون (24) ألا يسجدوا لله الذي يخرج الخبء في السماوات والأرض ويعلم ما تخفون وما تعلنون (25) الله لا إله إلا هو رب العرش العظيم (26) قال سننظر أصدقت أم كنت من الكاذبين (27) اذهب بكتابي هذا فألقه إليهم ثم تول عنهم فانظر ماذا يرجعون (28) قالت يا أيها الملأ إني ألقي إلي كتاب كريم (29) إنه من سليمان وإنه بسم الله الرحمن الرحيم (30) ألا تعلوا علي وأتوني مسلمين (31) قالت يا أيها الملأ أفتوني في أمري ما كنت قاطعة أمرا .حتى تشهدون (32) قالوا نحن أولو قوة وأولو بأس شديد والأمر إليك فانظري ماذا تأمرين (33) قالت إن الملوك إذا دخلوا قرية أفسدوها وجعلوا أعزة أهلها أذلة وكذلك يفعلون (34) وإني مرسلة إليهم بهدية فناظرة بم يرجع المرسلون (35) فلما جاء سليمان قال أتمدونن بمال فما آتاني الله خير مما آتاكم بل أنتم بهديتكم تفرحون (36) ارجع [ ص: 2632 ] إليهم فلنأتينهم بجنود لا قبل لهم بها ولنخرجنهم منها أذلة وهم صاغرون (37) قال يا أيها الملأ أيكم يأتيني بعرشها قبل أن يأتوني مسلمين (38) قال عفريت من الجن أنا آتيك به قبل أن تقوم من مقامك وإني عليه لقوي أمين (39) قال الذي عنده علم من الكتاب أنا آتيك به قبل أن يرتد إليك طرفك فلما رآه مستقرا عنده قال هذا من فضل ربي ليبلوني أأشكر أم أكفر ومن شكر فإنما يشكر لنفسه ومن كفر فإن ربي غني كريم (40) قال نكروا لها عرشها ننظر أتهتدي أم تكون من الذين لا يهتدون (41) فلما جاءت قيل أهكذا عرشك قالت كأنه هو وأوتينا العلم من قبلها وكنا مسلمين (42) وصدها ما كانت تعبد من دون الله إنها كانت من قوم كافرين (43) قيل لها ادخلي الصرح فلما رأته حسبته لجة وكشفت عن ساقيها قال إنه صرح ممرد من قوارير قالت رب إني ظلمت نفسي وأسلمت مع سليمان لله رب العالمين (44)

ترد هذه الإشارة إلى داود، وهذه القصة عن سليمان بعد تلك الحلقة من قصة موسى - عليهم السلام - وهم من أنبياء بني إسرائيل، في السورة التي تبدأ بالحديث عن القرآن ويجيء فيها: إن هذا القرآن يقص على بني إسرائيل أكثر الذي هم فيه يختلفون ..

وقصة سليمان - عليه السلام - في هذه السورة مبسوطة بتوسع أكثر منها في أية سورة أخرى، وإن كانت تختص بحلقة واحدة من حلقات حياته، حلقة قصته مع الهدهد وملكة سبأ، يمهد لها السياق بما يعلنه سليمان على الناس من تعليم الله له منطق الطير وإعطائه من كل شيء، وشكره لله على فضله المبين، ثم مشهد موكبه من الجن والإنس والطير، وتحذير نملة لقومها من هذا الموكب، وإدراك سليمان لمقالة النملة وشكره لربه على فضله، وإدراكه أن النعمة ابتلاء، وطلبه من ربه أن يجمعه على الشكر والنجاح في هذا الابتلاء.

ومناسبة ورود هذا القصص إجمالا في هذه السورة ما سبق بيانه من افتتاح السورة بحديث عن القرآن، وتقرير أن هذا القرآن يقص على بني إسرائيل أكثر الذي هم فيه يختلفون؛ وقصص موسى وداود وسليمان من أهم الحلقات في تاريخ بني إسرائيل.

التالي السابق


الخدمات العلمية