صفحة جزء
باب الاستئذان قال الله تعالى : يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوتا غير بيوتكم حتى تستأنسوا وتسلموا على أهلها روي عن ابن عباس وابن مسعود وإبراهيم وقتادة قالوا : ( الاستئناس الاستئذان ) فيكون معناه : حتى تستأنسوا بالإذن .

وروى شعبة عن أبي بشر عن سعيد بن جبير عن ابن عباس أنه كان يقرأ هذا الحرف : حتى تستأذنوا وقال " غلط الكاتب " .

وروى القاسم بن نافع عن مجاهد : حتى تستأنسوا قال : ( هو التنحنح والتنخع ) . وفي نسق التلاوة ما دل [ ص: 165 ] على أنه أراد الاستئذان ، وهو قوله : وإذا بلغ الأطفال منكم الحلم فليستأذنوا كما استأذن الذين من قبلهم

والاستئناس قد يكون للحديث كقوله تعالى : ولا مستأنسين لحديث وكما روي عن عمر في حديثه الذي ذكر فيه أن النبي صلى الله عليه وسلم انفرد في مشربة له حين هجر نساءه ، فاستأذنت عليه فقال الآذن : قد سمع كلامك ، ثم أذن له ؛ فذكر أشياء وفيه قال : فقلت : أستأنس يا رسول الله ؟ قال : ( نعم ) . وإنما أراد به الاستئناس للحديث ، وذلك كان بعد الدخول .

والاستئناس المذكور في قوله : حتى تستأنسوا لا يجوز أن يكون المراد به الحديث ؛ لأنه لا يصل إلى الحديث إلا بعد الإذن ، وإنما المراد الاستئذان للدخول ، وإنما سمي الاستئذان استئناسا لأنهم إذا استأذنوا أو سلموا أنس أهل البيوت بذلك ، ولو دخلوا عليهم بغير إذن لاستوحشوا وشق عليهم . وأمر مع الاستئذان بالسلام ؛ إذ هو من سنة المسلمين التي أمروا بها ، ولأن السلام أمان منه لهم وهو تحية أهل الجنة ومجلبة للمودة وناف للحقد والضغينة ؛ حدثنا عبد الباقي بن قانع قال : حدثنا يوسف بن يعقوب قال : حدثنا محمد بن أبي بكر قال : حدثنا صفوان بن عيسى قال : حدثنا الحارث بن عبد الرحمن بن أبي رئاب عن سعيد بن أبي سعيد عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : لما خلق الله آدم فنفخ فيه الروح عطس فقال الحمد لله ، فحمد الله بإذن الله ، فقال له ربه : رحمك ربك يا آدم اذهب إلى هؤلاء الملائكة وملأ منهم جلوس فقل السلام عليكم فقال سلام عليكم ورحمة الله ؛ ثم رجع إلى ربه فقال : هذه تحيتك وتحية ذريتك بينهم .

وحدثنا عبد الباقي بن قانع قال : حدثنا علي بن إسحاق بن رائطة قال : حدثنا إبراهيم بن سعيد قال : حدثنا يحيى بن نصر بن حاجب قال : حدثنا هلال بن حماد عن زاذان عن علي قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم حق المسلم على المسلم ست : يسلم عليه إذا لقيه ويجيبه إذا دعاه وينصح له بالغيب ويشمته إذا عطس ويعوده إذا مرض ويشهد جنازته إذا مات . وحدثنا عبد الباقي قال : حدثنا إبراهيم بن إسحاق الحربي قال : حدثنا أبو غسان النهدي قال : حدثنا زهير قال : حدثنا الأعمش عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : والذي نفسي بيده لا تدخلون الجنة حتى تؤمنوا ، ولا تؤمنون حتى تحابوا ، أفلا أدلكم على أمر إذا فعلتموه تحاببتم ؟ أفشوا السلام بينكم .

وحدثنا عبد الباقي قال : حدثنا إسماعيل بن الفضل قال : حدثنا محمد بن حميد قال : حدثنا محمد بن معلى قال : حدثنا زياد بن خيثمة عن أبي يحيى القتات عن مجاهد عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : [ ص: 166 ] إن سركم أن يخرج الغل من صدوركم فأفشوا السلام بينكم .

التالي السابق


الخدمات العلمية