صفحة جزء
قوله تعالى : إنما يخشى الله من عباده العلماء فيه الإبانة عن فضيلة العلم وأن به يتوصل إلى خشية الله وتقواه ؛ لأن [ ص: 247 ] من عرف توحيد الله وعدله بدلائله أوصله ذلك إلى خشية الله وتقواه ؛ إذ كان من لا يعرف الله ولا يعرف عدله وما قصد له بخلقه لا يخشى عقابه ولا يتقيه ؛ وقوله في آية أخرى : يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات وقال تعالى : إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك هم خير البرية إلى قوله : ذلك لمن خشي ربه فأخبر أن خير البرية من خشي ربه ، وأخبر في الآية أن العلماء بالله هم الذين يخشونه ، فحصل بمجموع الآيتين أن أهل العلم بالله هم خير البرية وإن كانوا على طبقات في ذلك .

ثم وصف أهل العلم بالله الموصوفين بالخشية منه فقال : إن الذين يتلون كتاب الله وأقاموا الصلاة وأنفقوا مما رزقناهم سرا وعلانية يرجون تجارة لن تبور فكان ذلك في صفة الخاشعين لله العاملين بعلمهم ؛ وقد ذكر في آية أخرى المعرض عن موجب علمه فقال : واتل عليهم نبأ الذي آتيناه آياتنا فانسلخ منها فأتبعه الشيطان فكان من الغاوين ولو شئنا لرفعناه بها ولكنه أخلد إلى الأرض واتبع هواه إلى آخر القصة ؛ فهذه صفة العالم غير العامل ، والأول صفة العالم المتقي لله .

وأخبر عن الأولين بأنهم واثقون بوعد الله وثوابه على أعمالهم بقوله تعالى : يرجون تجارة لن تبور

قوله تعالى : الحمد لله الذي أذهب عنا الحزن روى بعض السلف قال : من شأن المؤمن الحزن في الدنيا ألا تراهم حين يدخلون الجنة يقولون الحمد لله الذي أذهب عنا الحزن ؟ وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : الدنيا سجن المؤمن ؛ قيل لبعض النساك : ما بال أكثر النساك محتاجين إلى ما في يد غيرهم ؟ قال : لأن الدنيا سجن المؤمن ، وهل يأكل المسجون إلا من يد المطلق .

التالي السابق


الخدمات العلمية