صفحة جزء
وأما وقت الجمعة فإنه بعد الزوال ، وروى أنس وجابر وسهل بن سعد وسلمة بن الأكوع أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي الجمعة إذا زالت الشمس . وروى شعبة عن عمرو بن مرة عن عبد الله بن سلمة قال : صلى بنا عبد الله بن مسعود وأصحابه الجمعة ضحى ثم قال : إنما فعلت ذلك مخافة الحر عليكم " [ ص: 337 ] وروي عن عمر وعلي أنهما رضي الله عنهما صلياها بعد الزوال ولما قال عبد الله : إني قدمت مخافة الحر عليكم " علمنا أنه فعلها على غير الوجه المعتاد المتعارف بينهم .

ومعلوم أن فعل الفروض قبل أوقاتها لا يجوز لحر ولا لبرد إذا لم يوجد أسبابها ، ويحتمل أن يكون فعلها في أول وقت الظهر الذي هو أقرب أوقات الظهر إلى الضحى ، فسماه الراوي ضحى ؛ لقربه منه ، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم وهو يتسحر : تعال إلى الغداء المبارك فسماه غداء لقربه من الغداء ، وكما قال حذيفة : تسحرنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان نهارا والمعنى قريب من النهار ولما اختلف الفقهاء في الذي يلزم من الفرض بدخول الوقت ، فقال قائلون : " فرض الوقت الجمعة والظهر بدل منها " وقال آخرون : " فرض الوقت الظهر والجمعة بدل منه " ، استحال أن يفعل البدل إلا في وقت يصح فيه فعل المبدل عنه وهو الظهر ، ولما ثبت أن وقتها بعد الزوال ثبت أن وقت النداء لها بعد الزوال كسائر الصلوات .

التالي السابق


الخدمات العلمية