صفحة جزء
وقوله تعالى : فإن أرضعن لكم فآتوهن أجورهن قد انتظم الدلالة على أحكام : منها أنه إذا رضيت بأن ترضعه بأجر مثلها لم يكن للأب أن يسترضع غيرها ، لأمر الله إياه بإعطاء الأجر إذا أرضعت ، ويدل على أن الأم أولى بحضانة الولد من كل أحد ويدل على أن الأجرة إنما تستحق بالفراغ من العمل ولا تستحق بالعقد ؛ لأنه أوجبها بعد الرضاع بقوله : فإن أرضعن لكم فآتوهن أجورهن وقد دل على أن لبن المرأة وإن كان عينا فقد أجري مجرى المنافع التي تستحق بعقود الإجارات ، ولذلك لم يجز أصحابنا بيع لبن المرأة [ ص: 361 ] كما لا يجوز عقد البيع على المنافع ، وفارق لبن المرأة بذلك لبن سائر الحيوان ؛ ألا ترى أنه لا يجوز استئجار شاة لرضاع صبي ؛ لأن الأعيان لا تستحق بعقود الإجارات كاستئجار النخل والشجر ؟

و قوله تعالى : وأتمروا بينكم بمعروف يعني والله أعلم : لا تشترط المرأة على الزوج فيما تطلبه من الأجرة ولا يقصر الزوج لها عن المقدار المستحق .

و قوله تعالى : وإن تعاسرتم فسترضع له أخرى قيل : إنه إذا طلبت المرأة أكثر من أجر مثلها ورضيت غيرها بأن تأخذه بأجر مثلها فللزوج أن يسترضع الأجنبية ويكون ذلك في بيت الأم ؛ لأنها أحق بإمساكه والكون عنده .

التالي السابق


الخدمات العلمية