صفحة جزء
وقوله تعالى : وتزودوا فإن خير الزاد التقوى روي عن مجاهد والشعبي أن أناسا من أهل اليمن كانوا لا يتزودون في حجهم حتى نزلت وتزودوا فإن خير الزاد التقوى وقال سعيد بن جبير : الزاد الكعك ، والزيت . وقيل فيه : إن قوما كانوا يرمون بأزوادهم يتسمون بالمتوكلة ، فقيل لهم : تزودوا من الطعام ولا تطرحوا كلكم على الناس وقيل فيه : إن معناه أن تزودوا من الأعمال الصالحة ، فإن خير الزاد التقوى . قال أبو بكر : لما احتملت الآية الأمرين من زاد الطعام وزاد التقوى ، وجب أن يكون عليهما ؛ إذ لم تقم دلالة على تخصيص زاد من زاد . وذكر التزود من الأعمال الصالحة في الحج ؛ لأنه أحق شيء بالاستكثار من أعمال البر فيه لمضاعفة الثواب عليه ، كما نص على حظر الفسوق والمعاصي فيه ، وإن كانت محظورة في غيره ، تعظيما لحرمة الإحرام وإخبارا أنها فيه أعظم مأثما ؛ فجمع الزادين في مجموع اللفظ من الطعام ومن زاد التقوى ، ثم أخبر أن زاد التقوى خيرهما لبقاء نفعه ودوام ثوابه .

وهذا يدل على بطلان مذهب المتصوفة الذين يتسمون بالمتوكلة في تركهم التزود ، والسعي في المعاش . وهو يدل على أن من شرط استطاعة الحج الزاد ، والراحلة ؛ لأنه خاطب بذلك من خاطبه بالحج ، وعلى هذا المعنى قال النبي صلى الله عليه وسلم حين سئل عن الاستطاعة : هي الزاد ، والراحلة . والله الموفق .

[ ص: 386 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية