صفحة جزء
باب ما يجب على المرأة من طاعة زوجها قال الله تعالى : الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم روى يونس عن الحسن أن رجلا جرح امرأته ، فأتى أخوها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال النبي صلى الله عليه وسلم : القصاص فأنزل الله تعالى : الرجال قوامون على النساء الآية ، فقال صلى الله عليه وسلم : أردنا أمرا وأراد الله غيره . وروى جرير بن حازم عن الحسن قال : لطم رجل امرأته ، فاستعدت عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال صلى الله عليه وسلم : عليكم القصاص فأنزل الله : ولا تعجل بالقرآن من قبل أن يقضى إليك وحيه ثم أنزل الله تعالى : الرجال قوامون على النساء . قال أبو بكر : الحديث الأول يدل على أن لا قصاص بين الرجال والنساء فيما دون النفس ، وكذلك روي عن الزهري . والحديث الثاني جائز أن يكون لطمها ؛ لأنها نشزت عليه ، وقد أباح الله تعالى ضربها عند النشوز بقوله : واللاتي تخافون نشوزهن فعظوهن واهجروهن في المضاجع واضربوهن

فإن قيل : لو كان ضربه إياها لأجل النشوز لما أوجب النبي صلى الله عليه وسلم القصاص . قيل له : إن النبي صلى الله عليه وسلم إنما قال ذلك قبل نزول هذه الآية التي فيها إباحة الضرب عند النشوز ؛ لأن قوله تعالى : الرجال قوامون على النساء إلى قوله : واضربوهن نزل بعد ، فلم يوجب عليهم بعد نزول الآية شيئا ، فتضمن قوله : الرجال قوامون على النساء قيامهم عليهن بالتأديب والتدبير والحفظ والصيانة لما فضل الله به الرجل على المرأة في العقل والرأي وبما ألزمه الله تعالى من الإنفاق عليها . فدلت الآية على معان :

أحدها : [ ص: 149 ] تفضيل الرجل على المرأة في المنزلة وأنه هو الذي يقوم بتدبيرها وتأديبها ، وهذا يدل على أن له إمساكها في بيته ومنعها من الخروج وأن عليها طاعته وقبول أمره ما لم تكن معصية . ودلت على وجوب نفقتها عليه بقوله : وبما أنفقوا من أموالهم وهو نظير قوله : وعلى المولود له رزقهن وكسوتهن بالمعروف وقوله تعالى : لينفق ذو سعة من سعته وقول النبي صلى الله عليه وسلم : ولهن رزقهن وكسوتهن بالمعروف . وقوله تعالى : وبما أنفقوا من أموالهم منتظم للمهر والنفقة ؛ لأنهما جميعا مما يلزم الزوج لها .

قوله تعالى : فالصالحات قانتات حافظات للغيب بما حفظ الله يدل على أن في النساء الصالحة ؛ وقوله : قانتات روي عن قتادة : " مطيعات لله تعالى ولأزواجهن " وأصل القنوت مداومة الطاعة ، ومنه القنوت في الوتر لطول القيام . وقوله : حافظات للغيب بما حفظ الله قال عطاء وقتادة : " حافظات لما غاب عنه أزواجهن من ماله وما يجب من رعاية حاله وما يلزم من صيانة نفسها له " .

قال عطاء في قوله : بما حفظ الله " أي بما حفظهن الله في مهورهن وإلزام الزوج من النفقة عليهن " .

وقال آخرون : بما حفظ الله " إنهن إنما صرن صالحات قانتات حافظات بحفظ الله إياهن من معاصيه وتوفيقه وما أمدهن به من ألطافه ومعونته " وروى أبو معشر عن سعيد المقبري عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : خير النساء امرأة إذا نظرت إليها سرتك وإذا أمرتها أطاعتك وإذا غبت عنها خلفتك في مالك ونفسها ثم قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم : الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض الآية والله الموفق .

التالي السابق


الخدمات العلمية