صفحة جزء
باب أسنان الإبل في دية الخطإ قال أبو بكر : اختلف السلف في ذلك ، فروى علقمة والأسود عن عبد الله بن مسعود في دية الخطإ أخماسا : " عشرون حقة وعشرون جذعة وعشرون بنات مخاض وعشرون بنو مخاض وعشرون بنات لبون " . وعن عمر بن الخطاب أخماسا أيضا .

وروى عاصم بن ضمرة وإبراهيم عن علي في دية الخطإ أرباعا خمس وعشرون حقة وخمس وعشرون جذعة وخمس وعشرون بنات مخاض وخمس وعشرون بنات لبون أربعة [ ص: 206 ] أسنان مثل أسنان الزكاة " . وقال عثمان وزيد بن ثابت : " في الخطإ ثلاثون بنات لبون وثلاثون جذعة وعشرون بنو لبون وعشرون بنات مخاض " وروي عنهما مكان الجذاع الحقاق .

قال أبو بكر : واتفق فقهاء الأمصار أصحابنا ومالك والشافعي أن دية الخطإ أخماس ، إلا أنهم اختلفوا في الأسنان من كل صنف ، فقال أصحابنا جميعا : عشرون بنات مخاض وعشرون بنو مخاض وعشرون بنات لبون وعشرون حقة وعشرون جذعة " وقال مالك والشافعي : " عشرون بنات مخاض وعشرون بنو لبون وعشرون بنات لبون وعشرون حقة وعشرون جذعة " .

وحدثنا عبد الباقي بن قانع قال : حدثنا أحمد بن داود بن توبة التمار قال : حدثنا عمرو بن محمد الناقد قال : حدثنا أبو معاوية قال : حدثنا حجاج بن أرطاة عن زيد بن جبير عن خشف بن مالك عن عبد الله بن مسعود : أن النبي صلى الله عليه وسلم جعل الدية في الخطإ أخماسا . واتفاق الفقهاء على استعمال هذا الخبر في الأخماس يدل على صحته ؛ ولم يبين فيه كيفية الأسنان ، فروى منصور عن إبراهيم عن ابن مسعود في دية الخطإ أخماسا وذكر الأسنان مثل قول أصحابنا ، فهذا يدل على أن الأخماس التي رواها عن النبي صلى الله عليه وسلم كانت على هذا الوجه ؛ لأنه غير جائز أن يروي عن النبي صلى الله عليه وسلم شيئا ثم يخالفه إلى غيره . فإن قيل : خشف بن مالك مجهول . قيل له استعمال الفقهاء لخبره في إثبات الأخماس يدل على صحته واستقامته .

وأيضا فإن قول من جعل في الخطإ مكان بني لبون بني مخاض أولى ؛ لأن بني لبون بمنزلة بنات مخاض ، لقوله صلى الله عليه وسلم : فإن لم توجد ابنة مخاض فابن لبون فيصير بمنزلة من أوجب أربعين بنات مخاض إذا أوجب عشرين بني لبون وعشرين بنات مخاض . وأيضا فإن بني لبون فوق بني مخاض ، ولا يجوز إثبات زيادة ما بين بني لبون وبنات مخاض إلا بتوقيف .

وأيضا فإن قول النبي صلى الله عليه وسلم : الدية مائة من الإبل يقتضي جواز ما يقع عليه الاسم ، فلا تثبت الزيادة إلا بدلالة ، ومذهب أصحابنا أقل ما قيل فيه فهو ثابت . وما زاد فلم تقم عليه دلالة فلا يثبت . وأيضا قد ثبت مثل قول أصحابنا عن عبد الله بن مسعود في كيفية الأسنان ولم يرو عن أحد من الصحابة ممن قال بالأخماس خلافه ؛ وقول مالك والشافعي لا يروى عن أحد من الصحابة وإنما يروى عن سليمان بن يسار ، فكان قول أصحابنا أولى لاتفاق الجميع من فقهاء الأمصار على إثبات الأخماس وثبوت كيفيتها على الوجه الذي يذهب إليه أصحابنا عن عبد الله بن مسعود .

فإن قيل إيجاب [ ص: 207 ] بني لبون أولى من بني مخاض لأنها تؤخذ في الزكاة ولا تؤخذ بنو مخاض . قيل له : ابن اللبون يؤخذ في الزكاة على وجه البدل ، وكذلك ابن مخاض يؤخذ عندنا على وجه البدل ، فلا فرق بينهما . وأيضا فإن الديات غير معتبرة بالزكاة ، ألا ترى أنه يجب عند المخالف أربعون خلفة في شبه العمد ولا يجب مثلها في الزكاة ؟ والله أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية