صفحة جزء
مطلب : في دية المقتول في الحرم والشهر الحرام . [ ص: 210 ] واختلف السلف وفقهاء الأمصار في المقتول في الحرم والشهر الحرام ، فقال أبو حنيفة ومحمد وزفر وابن أبي ليلى ومالك : " القتل في الحرم والشهر الحرام كهو في غيره فيما يجب من الدية والقود " . وسئل الأوزاعي عن القتل في الشهر الحرام والحرم هل تغلظ الدية فيه ؟ قال : " بلغنا أنه إذا قتل في الحرم أو الشهر الحرام زيد على العقل ثلثه ويزاد في شبه العمد في أسنان الإبل " .

وذكر المزني عن الشافعي في مختصره ، وذكر تغليظ الدية في شبه العمد وقال : " الدية في هذا على العاقلة ، وكذلك الجراح ، وكذلك التغليظ في النفس والجراح في الشهر الحرام والبلد الحرام وذوي الرحم " وروي عن عثمان أنه قضى في دية امرأة قتلت بمكة بدية وثلث وروى إبراهيم عن الأسود أن رجلا أصيب عند البيت ، فسأل عمر عليا ، فقال له علي : " ديته من بيت المال " فلم ير فيه علي أكثر من الدية ، ولم يخالفه عمر .

وقال الله تعالى : ومن قتل مؤمنا خطأ فتحرير رقبة مؤمنة ودية مسلمة إلى أهله وهو عام في الحل والحرم ، ولما كانت الكفارة في الحرم كهي في الحل لا فرق بينهما وإن كان ذلك كله حقا لله تعالى ، وجب أن تكون الدية كذلك ؛ إذ الدية حق لآدمي ولا تعلق لها بالحرم ولا بالشهر الحرام ؛ لأن حرمة الحرم والشهر الحرام إنما هي حق لله تعالى ، فلو كان لحرمة الحرم والأشهر تأثير في إلزام الغرم لكان تأثيره في الكفارة التي هي حق الله تعالى أولى . ويدل عليه قول النبي صلى الله عليه وسلم : ألا إن قتيل خطإ العمد قتيل السوط والعصا فيه مائة من الإبل ولم يفرق بين الحل والحرم .

وقد اختلف التابعون في ذلك ، فروي عن سعيد بن المسيب وعروة بن الزبير وأبي بكر بن عبد الرحمن وخارجة بن زيد وعبيد الله بن عبد الله وسليمان بن يسار : " الدية في الحرم كهي في غيره ، وكذلك الشهر الحرام " . وروي عن القاسم بن محمد وسالم بن عبد الله : " أن من قتل في الحرم زيد على ديته مثل ثلثها " والله أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية