صفحة جزء
وأما قوله تعالى : والمتردية فإنه روي عن ابن عباس والحسن والضحاك وقتادة قالوا : " هي الساقطة من رأس جبل أو في بئر فتموت " . وروى مسروق عن عبد الله بن مسعود قال : " إذا رميت صيدا من على جبل فمات فلا تأكله فإني أخشى أن يكون التردي هو الذي قتله ، وإذا رميت طيرا فوقع في ماء فمات فلا تطعمه فإني أخشى أن يكون الغرق قتله " .

قال أبو بكر : لما وجد هناك سببا آخر وهو التردي وقد يحدث عنه الموت حظر أكله ، وكذلك الوقوع في الماء . وقد روي نحو ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم حدثنا عبد الباقي بن قانع قال : حدثنا أحمد بن محمد بن إسماعيل قال : حدثنا ابن عرفة قال : حدثنا ابن المبارك عن عاصم الأحول عن الشعبي عن عدي بن حاتم ، أنه سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الصيد فقال : إذا رميت بسهمك وسميت فكل إن قتل إلا أن تصيبه في الماء فلا تدري أيهما قتله .

ونظيره ما روي عنه صلى الله عليه وسلم في صيد الكلب أنه قال : إذا أرسلت كلبك المعلم وسميت فكل ، وإن خالطه كلب آخر فلا تأكل ، فحظر صلى الله عليه وسلم أكله إذا وجد مع الرمي سبب آخر يجوز حدوث الموت منه مما لا يكون ذكاة ، وهو الوقوع في الماء ومشاركة كلب آخر معه .

وكذلك قول عبد الله في الذي يرمي الصيد وهو على الجبل فيتردى إنه لا يؤكل لاجتماع سبب الحظر والإباحة في تلفه ، فجعل الحكم للحظر دون الإباحة . وكذلك لو اشترك مجوسي ومسلم في قتل صيد أو ذبحه لم يؤكل . وجميع ما ذكرنا أصل في أنه متى اجتمع سبب الحظر وسبب الإباحة كان الحكم للحظر دون الإباحة .

التالي السابق


الخدمات العلمية