صفحة جزء
قوله تعالى : ومن عاد فينتقم الله منه روي عن ابن عباس والحسن وشريح : ( إن عاد عمدا لم يحكم عليه والله تعالى ينتقم منه ) . وقال إبراهيم : ( كانوا يسألون هل أصبت شيئا قبله ؟ فإن قال نعم لم يحكموا عليه ، وإن قال لا حكم عليه ) . وقال سعيد بن جبير وعطاء ومجاهد : ( يحكم عليه أبدا ) . وسأل عمر قبيصة بن جابر عن صيد أصابه وهو محرم ، فسأل عمر عبد الرحمن بن عوف ثم حكم عليه ولم يسأله هل أصبت قبله شيئا . وهو قول فقهاء الأمصار ، وهو الصحيح ؛ لأن قوله تعالى : ومن قتله منكم متعمدا فجزاء يوجب الجزاء في كل مرة ، كقوله تعالى : ومن قتل مؤمنا خطأ فتحرير رقبة مؤمنة ودية مسلمة إلى أهله وذكره الوعيد للعائد لا ينافي وجوب الجزاء ، ألا ترى أن الله تعالى قد جعل حد المحارب جزاء له بقوله : إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ثم عقبه بذكر الوعيد بقوله : ذلك لهم خزي في الدنيا ولهم في الآخرة عذاب عظيم ؟ فليس إذا في ذكر الانتقام من العائد نفي لإيجاب الجزاء . وعلى أن قوله تعالى : ومن عاد فينتقم الله منه لا دلالة فيه على أن المراد العائد إلى قتل الصيد بعد قتله لصيد آخر قبله لأن قوله : عفا الله عما سلف يحتمل أن يريد به : ( عفا الله عما قبل التحريم ومن عاد يعني بعد التحريم ) وإن كان أول صيد بعد نزول الآية ؛ وإذا كان فيه احتمال ذلك لم يدل على أن العائد في قتل الصيد بعد قتله مرة أخرى ليس عليه إلا الانتقام .

التالي السابق


الخدمات العلمية