صفحة جزء
قال الله تعالى : فإذا انسلخ الأشهر الحرم فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم روى معاوية بن صالح عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله : لست عليهم بمصيطر وقوله : وما أنت عليهم بجبار وقوله تعالى : فاعف عنهم واصفح وقوله : قل للذين آمنوا يغفروا للذين لا يرجون أيام الله قال : ( نسخ هذا كله قوله تعالى : فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم وقوله تعالى : قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر الآية ) ، وقال موسى بن عقبة : قد كان النبي صلى الله عليه وسلم قبل ذلك يكف عمن لم يقاتله بقوله تعالى : وألقوا إليكم السلم فما جعل الله لكم عليهم سبيلا ثم نسخ ذلك بقوله : براءة من الله ورسوله ثم قال : فإذا انسلخ الأشهر الحرم فاقتلوا المشركين قال أبو بكر : عمومه يقتضي قتل سائر المشركين من أهل الكتاب ، وغيرهم ، وأن لا يقبل منهم إلا الإسلام أو السيف ، إلا أنه تعالى خص أهل الكتاب بإقرارهم على الجزية بقوله تعالى : قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر الآية ، وأخذ النبي صلى الله عليه وسلم الجزية من مجوس هجر ، وقال في حديث علقمة بن مرثد عن ابن بريدة عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان إذا بعث سرية قال : إذا لقيتم المشركين فادعوهم إلى الإسلام فإن أبوا فادعوهم إلى أداء الجزية فإن فعلوا فخذوا منهم وكفوا عنهم ، وذلك عموم في سائر المشركين ، [ ص: 270 ] فخصصنا منه من لم يكن من مشركي العرب بالآية ، وصار قوله تعالى : فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم خاصا في مشركي العرب دون غيرهم . وقوله تعالى : وخذوهم واحصروهم يدل على حبسهم بعد الأخذ والاستيناء بقتلهم انتظارا لإسلامهم ؛ لأن الحصر هو الحبس . ويدل أيضا على جواز حصر الكفار في حصونهم ومدنهم إن كان فيهم من لا يجوز قتله من النساء والصبيان ، وأن يلقوا بالحصار . وقوله تعالى : فاقتلوا المشركين يقتضي عمومه جواز قتلهم على سائر وجوه القتل ، إلا أن السنة قد وردت بالنهي عن المثلة ، وعن قتل الصبر بالنبل ، ونحوه ، وقال النبي صلى الله عليه وسلم : أعف الناس قتلة أهل الإيمان وقال : إذا قتلتم فأحسنوا القتلة . وجائز أن يكون أبو بكر الصديق رضي الله عنه حين قتل أهل الردة بالإحراق والحجارة والرمي من رءوس الجبال والتنكيس في الآبار إنما ذهب فيه إلى ظاهر الآية ، وكذلك علي بن أبي طالب رضي الله عنه حين أحرق قوما مرتدين جائز أن يكون اعتبر عموم الآية .

التالي السابق


الخدمات العلمية