صفحة جزء
قوله تعالى : وقرآنا فرقناه لتقرأه على الناس على مكث قوله : فرقناه يعني فرقناه بالبيان عن الحق من الباطل . وقوله : لتقرأه على الناس على مكث يعني على تثبت وتوقف ليفهموه بالتأمل ويعلموا ما فيه بالتفكر ويتفقهوا باستخراج ما تضمن من الحكم والعلوم الشريفة . وقد قيل : إنه كان ينزل منه شيء فيمكثون ما شاء الله ثم ينزل شيء آخر ، وهو في معنى قوله : ورتل القرآن ترتيلا وروى سفيان عن عبيد المكتب قال : سئل مجاهد عن رجلين قرأ أحدهما البقرة وآل عمران ورجل قرأ البقرة جلوسهما وسجودهما وركوعهما سواء أيهما أفضل ؟ قال : الذي قرأ البقرة ، ثم قرأ : وقرآنا فرقناه لتقرأه على الناس على مكث وروى معاوية بن قرة عن عبيد الله بن المغفل قال : رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يوم الفتح وهو على ناقته وهو يقرأ سورة الفتح أو من سورة الفتح قراءة بينة .

وروى حماد بن سلمة عن أبي حمزة الضبعي قال : قال ابن عباس : " لأن أقرأ القرآن فأرتلها وأتدبرها أحب إلي من أن أقرأ القرآن هذا " .

وروى الأعمش عن عمارة عن أبي الأحوص عن عبد الله قال : " لا تقرءوا القرآن في أقل من ثلاث واقرأه في سبع " .

وروى الأعمش عن إبراهيم عن عبد الرحمن بن يزيد أنه كان يقرأه في سبع والأسود في ست وعلقمة في خمس . وروي عن عثمان بن عفان أنه قرأ القرآن في ليلة . روى ابن أبي ليلة عن صدقة عن ابن عمر قال : بني لرسول الله صلى الله عليه وسلم سقف في المسجد واعتكف فيه في آخر رمضان وكان يصلي فيه ، فأخرج رأسه فرأى الناس يصلون فقال : إن المصلي إذا صلى يناجي ربه فليعلم أحدكم بما يناجيه ، وفي ذلك دليل على أن المستحب الترتيل ؛ لأنه به يعلم ما يناجي ربه به ويفهم عن نفسه ما يقرأه .

التالي السابق


الخدمات العلمية