صفحة جزء
[ ص: 244 ] قوله تعالى : ضرب الله مثلا عبدا مملوكا لا يقدر على شيء الآية \ 75.

ذكر إسماعيل بن إسحاق، أن المراد به عبد نفسه، وليس المراد عبدا للعباد، ويجوز أن يكون عبد الله.

وهذا بعيد، والظاهر أنه أي عبد كان.

واحتج به قوم في أنه لا يملك بالتمليك، فإنه لو ملك لقدر على شيء، وقد قال تعالى : لا يقدر على شيء .

ويمكن أن يجاب عنه، أن المراد به أنه إذا تصرف لا يمكنه أن يتصرف إلا بإذن غيره، كما يقال ذلك فيمن لا يملك أصلا، وإلا فهذا اللفظ لا يدل على نفي ملك الطلاق، ونفي ملك النكاح، فهذا ما يدل عليه الظاهر دون ما سواه، ولذلك عقبه بقوله : ومن رزقناه منا رزقا حسنا فهو ينفق منه سرا وجهرا هل يستوون ، فأبان بذلك أن نقيض هذا المعنى في العبد عدم استقلاله بالإنفاق سرا وجهرا.

وقال الأصم : المراد به المملوك الذي ربما يكون أشد من مولاه أسرا وأنضر وجها، وهو لسيده ذليل لا يقدر إلا على ما أذن له فيه، فقال الله تعالى ضربا للمثل : فإذا كان هذا شأنكم وشأن عبيدكم، فكيف جعلتم أحجارا أمواتا شركاء لله تعالى في خلقه وعبادته، وهي لا تسمع ولا تعقل؟ وهذا القول أولى بالظاهر، لأن العبد المملوك لا يكون جمادا، ولا يقال في الجماد لا يقدر على شيء، وهو بالصفة التي معها لا يجوز أن يقدر، فلا حاجة والحالة هذه إلى صرفه عن ظاهره، فبين تعالى أن هذا العبد إذا لم يساو من رزقناه رزقا حسنا، فهو ينفق منه سرا وجهرا مع اشتراكهما [ ص: 245 ] في الحيوانية والقدرة والآلة، فكيف يجوز التسوية بين الأصنام التي لا يتأتى منها ضرر ولا نفع وبين مالك الأمر والخلق.

وإسماعيل بن إسحاق روى عن ابن عباس، أن الآية واردة في رجل من قريش وعبده أسلما، وإنه كان مولى لعثمان يكفله وينفق عليه، ولذلك ذكر في الأبكم أنه لا يقدر على شيء كما ذكره في العبد، ثم لا يدل ذلك على أنه لا يملك.

التالي السابق


الخدمات العلمية