صفحة جزء
[ ص: 277 ] بسم الله الرحمن الرحيم

سورة الحج

قوله تعالى : إن كنتم في ريب من البعث فإنا خلقناكم من تراب ثم من نطفة ثم من علقة ثم من مضغة مخلقة وغير مخلقة ، الآية \ 5.

قوله : من مضغة مخلقة ، يقتضي أن لا تكون المضغة إنسانا كما اقتضى ذلك في العلقة والنطفة والتراب، وإنما نبهنا الله تعالى على كمال قدرته، بأن خلق الإنسان من غير إنسان، وهي المضغة والنطفة التي لا تخطيط فيها ولا تركيب، وإذا لم يكن إنسانا يجوز أن يقال إنه ليس يحمل مثل النطفة.

ويحتمل أن يقال : إنه أصل الإنسان الذي ينعقد ويشتمل عليه الرحم وصار حملا، وليس كالنطفة المجردة التي لا ندري ما يكون منها.

وزعم إسماعيل بن إسحاق أن قوما ذهبوا إلى أن السقط لا تنقضي به العدة، ولا تصير به أم ولد، وزعم أن هذا غلط، لأن الله تعالى أعلمنا [ ص: 278 ] أن المضغة التي هي غير مخلقة قد دخل فيما ذكر من خلق الناس كما ذكرت المخلقة، ودل على أن كل ما يكون من ذلك إلى خروج الولد من بطن أم فهو حمل، وقد قال تعالى : وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن .

وهذا لا حجة فيه، فإن الله تعالى لم يذكر أنه حمل، وإنما نبه على قدرته بأن خلقنا من المضغة والعلقة والتراب والنطفة، وليس الولد نطفة ولا مضغة، بل خلق منه الولد، وما دخلت العلقة في اسم الإنسان، ولا النطفة ولا المضغة التي ليست مخلقة.

وقوله تعالى : وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن ، فالمراد به ما يسمى ولدا.

واستدل إسماعيل بن إسحاق أنه يرث بهذا وهو غلط، فإنه يرث عند الولادة حيا مستندا إلى حالة كونه نطفة، ولا كلام فيه حتى لو طلقها من أربع سنين وأتت بولد، يعلم أنه في تلك الحالة كان نطفة يرث أيضا، ولو انفصل ميتا وقد تكامل خلقه لم يرث، وانقضت به العدة، فهما بابان متباينان.

التالي السابق


الخدمات العلمية