صفحة جزء
[ ص: 149 ] قوله تعالى: فإن فاءوا فإن الله غفور رحيم (226):

والفيء في اللغة: الرجوع، قال الله تعالى:

حتى تفيء إلى أمر الله .

أي: ترجع إلى أمر الله.

وعند ذلك قد يظن الظان: أن ظاهر اللفظ يدل على أنه إذا حلف أن لا يجامعها على وجه الضرار، ثم قال: قد فئت إليك، وقد أعرضت عما عزمت عليه من هجران فراشك باليمين، أن يكون قد فاء إليها، سواء كان قادرا على الجماع أو عاجزا.

وقد اتفق أهل العلم على أنه إذا أمكنه الوصول إليها، لم يكن فيؤه إلا الجماع.

وأبو حنيفة يقول فيمن آلى وهو مريض، أو بينه وبين زوجته المؤلي منها، مسيرة أربعة أشهر وهي رتقاء أو صغيرة، أو هو مجبوب أنه إذا فاء إليها بلسانه، ومضت المدة والعذر قائم، فذلك في صحيح.

والشافعي يخالفه على أحد مذهبيه، ووجه قوله: أنه إذا قال القائل: والله لا أجامع فلانة، فلا يكون حانثا بقوله: أجامعك، وإنما يكون حانثا [ ص: 150 ] بما يكون منه مخالفا، وإنما يكون مخالفا بما يكون به حانثا ، ثم لا يكون حانثا بمجرد القول، وكذلك لا يكون قد فاء بمجرد قوله، وإنما هو وعد الفيئة، إذ لو كان قد فاء حقا لما احتاج بعده إلى تحقيق مقتضى قوله بالجماع، وهذا بين.

نعم، اختلف قول الشافعي في المجبوب إذا آلى.

ففي قول: لا إيلاء له.

وفي قول: يصح إيلاؤه ويفيء باللسان.

والأول أصح وأقرب إلى مقتضى الكتاب، فإن الفيء هو الذي يسقط اليمين. والفيء بالقول لا يسقطه. فإذا بقيت اليمين المانعة من الحنث، بقي حكم الإيلاء.

التالي السابق


الخدمات العلمية