صفحة جزء
[ ص: 458 ] ولما أفهم هذا إهلاكهم ، بينه دالا على نوعه بقوله : وأمطرنا أي : حجارة الكبريت بعد أن قلعت مدائنهم ورفعت وقلبت حتى رجم بها مسافروهم وشذابهم لأنه عذاب الاستئصال عمن لا يعجزه شيء. وأوضحه بقصره الفعل وتعديته بحرف الاستعلاء ، فقال : عليهم وأكد كونه من السماء لا من سطح أو جبل ونحوه بقوله : مطرا وأشار إلى عظمه مزيلا للبس أصلا بما سبب عنه من قوله : فانظر كيف كان عاقبة أي : آخر أمر المجرمين وأظهر موضع الإضمار تعليقا للحكم بوصف القطع لما حقه الوصل بوصل ما حقه القطع من فاحش المعصية دليلا على أن الرجم جزاء من فعل هذا الفعل بشرطه ؛ لأن الحكم يدور مع العلة ، وسيأتي في سورة : ( هود ) - عليه السلام - سياق قصتهم من التوراة بعد أن مضى في البقرة عند : إذ قال له ربه أسلم أوائل أمرهم ، وهذا كما سومت الحجارة لقريش - لما أجمعوا أن يرجعوا بعد توجههم عن غزوة أحد من الطريق - ليفزعوا من النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه على زعمهم ، كما قال - صلى الله عليه وسلم - : (والذي نفسي بيده! لقد سومت لهم الحجارة ، ولو رجعوا لكانوا كأمس الذاهب) ولكنه - صلى الله عليه وسلم - لما كان رسول رحمة لم يقض الله برجوعهم فمضوا حتى أسلم بعد ذلك كثير منهم ، وكما أمطر الله الحجارة على أصحاب الفيل سنة مولده - صلى الله عليه وسلم - حماية لبلده ببركته .

التالي السابق


الخدمات العلمية