صفحة جزء
ومن يولهم ولما كان الأغلب في وقوع القتال النهار، وكان التولية مما لا يكون الظرف معيارا له لأنها مما لا يمتد زمنه، فالعصيان يقع بمجرد الالتفات بقصد الفرار، والتمادي تكرير أمثال، لا شرط في صحة [ ص: 241 ] إطلاق الاسم، عبر باليوم، وجرده عن "في" ندبا إلى الكر بعد الفر مع عدم الالتباس، فإن الظرف لا يكون معيارا للفعل إلا إذا كان ممتد الزمان كالصوم فقال: يومئذ أي: إذ لقيتم على هذه الحالة في أي وقت كان من أوقات القتال من ليل كان أو نهار دبره أي: يجعل ظهره إليهم لشيء من الأشياء تولية لا يريد الإقبال إلى القتال منها إلا أي: حال كونه متحرفا أو الحال التحرف، وهو الزوال عن جهة الاستواء لقتال أي: لا يتسهل له إلا بذلك يخيل إلى عدوه أنه منهزم خداعا له ثم يكر عليه أو متحيزا أي: متنقلا من حيز إلى آخر ومتنحيا إلى فئة أي: جماعة أخرى من أهل حزبه هم أهل لأن يرجع إليهم ليستعين بهم أو يعينهم.

ولما كان هذا محل توقع السامع للجواب وتفريغ ذهنه له، أجاب رابطا بالفاء إعلاما بأن الفعل المحدث عنه سبب لهذا الجزاء فقال: فقد باء أي: رجع بغضب من الله أي: الحائز لجميع صفات الكمال ومأواه جهنم أي: تتجهمه كما أنه هاب تجهم الكفار ولقاء الوجوه العابسة بوجه كالح عابس وبئس المصير هذا إذا لم يزد الكفار عن [ ص: 242 ] الضعف - كما سيأتي النص به.

التالي السابق


الخدمات العلمية