صفحة جزء
ولما وصفهم بالنفاق، حققه بعدم مبادرتهم إلى التوبة التي هي فعل المؤمنين، وباجترائهم على الإنكار مع كون السائل لهم من بلغ الغاية في الجلال والوقار والكمال فقال: ولئن سألتهم أي: وأنت من يجب أن يصدقه مسؤوله عما أخرجت السورة مما أظهروا بينهم من الكفر، وذلك حين قال بعضهم: انظروا إلى هذا الرجل يظن أنه يفتح قصور الشام وحصونها! هيهات هيهات! فأعلمه الله فقال: احبسوا علي الركب؛ فسألهم ليقولن إنما أي: ما قلنا شيئا من ذلك، إنما كنا نخوض أي: نتحدث على غير نظام ونلعب أي: بما لا حرج علينا فيه ويحمل عنا ثقل الطريق، فكأنه قيل: فماذا يقال لهم إذا حلفوا على ذلك على العادة؟ فقال: قل أي: لهم تقريرا على استهزائهم متوعدا لهم معرضا عما اعتذروا إعلاما بأنه غير أهل لأن يسمع جاعلا لهم كأنهم معترفون بالاستهزاء حيث جعل المستهزأ به يلي حرف التقرير، وذلك إنما يستقيم بعد وقوع الاستهزاء وثبوته تكذيبا لهم [ ص: 517 ] في قولهم: إنك أذن، بالمعنى الذي أرادوه، وبيانا لما في إظهارك لتصديقهم من الرفق بهم أبالله أي: هو المحيط بصفات الكمال وآياته أي: التي لا يمكن تبديلها ولا تخفى على ذي بصر ولا بصيرة ورسوله أي: الذي عظمته من عظمته وهو مجتهد في إصلاحكم وتشريفكم وإعلائكم كنتم أي: دائما تستهزئون

التالي السابق


الخدمات العلمية