صفحة جزء
ولما كانت المعاهدة سببا للإغناء في الظاهر، وكان ذلك ربما كان مظنة لأن يتوهم من لا علم له أن ذلك لخفاء أمر البواطن عليه سبحانه، وكان الحكم هنا واردا على القلب بالنفاق الذي هو أقبح الأخلاق مع عدم القدرة لصاحبه على التخلص منه، كان ذلك أدل دليل على أنه تعالى أعلم بما في كل قلب من صاحب ذلك القلب، فعقب ذلك بالإنكار على من لا يعلم ذلك والتوبيخ له والتقريع فقال: ألم يعلموا أن الله أي: الذي له صفات الكمال يعلم سرهم وهو ما أخفته صدورهم ونجواهم أي: ما فاوض فيه بعضهم بعضا، لا يخفى عليه شيء منه وأن الله أي: الذي له الإحاطة الكاملة علام الغيوب [ ص: 555 ] أي: كلها، أي: ألم يعلموا أنه تعالى لا يخادع لعلمه بالعواقب فيخشوا عاقبته فيوفوا بعهده، وفائدة الإعطاء مع علمه بالخيانة إقامة الحجة; قال أبو حيان : وقرأ علي وأبو عبد الرحمن والحسن : "ألم تعلموا" بالتاء، وهو خطاب للمؤمنين على سبيل التقرير. انتهى.

وفائدة الالتفات الإشارة إلى أن هذا العلم إنما ينفع من هيئ للإيمان.

التالي السابق


الخدمات العلمية