صفحة جزء
ولما بين تعالى تصديقا لقوله وكأين من آية في السماوات والأرض يمرون عليها وهم عنها معرضون ما له من الآيات [ التابعة - ] لصفات الكمال التي منها التنزه عما لا يليق بالجلال وأنه شديد المحال، شرع يبين ضلالهم في اشتراكهم المشار إليه في قوله: وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون [ بما - ] هو علة لختم ما قبلها من أنه لا كفؤ له، [ ص: 301 ] فقال: له أي الله سبحانه دعوة الحق إن دعاه أحد سمعه فأجابه - إن شاء - بما يشاء، وإن دعا هو أحدا دعوة أمر، بين الصواب بما يكشف الارتياب، أو دعوة حكم لبى صاغرا وأجاب والذين يدعون أي يدعو الكافرون، وبين سفول رتبتهم بقوله: من دونه أي الله لا يستجيبون أي لا يوجدون الإجابة "لهم" أي الكافرين بشيء والاستجابة: متابعة الداعي فيما دعا إليه بموافقة إرادته إلا كباسط أي إلا إجابة كإجابة الماء لباسط كفيه تثنية كف، وهو موضع القبض باليد، وأصله من كفه - إذا جمع أطرافه إلى الماء ليبلغ أي الماء "فاه" دون أن يصل كفاه إلى الماء- بما يدل عليه التعدية بـ "إلى" ، فما الماء بمجيب دعاءه في بلوغ فيه وما هو أي الماء ببالغه أي فيه، فللكافرين "بذلك دعوة الباطل كما أن الماء جماد لا يحس بدعوة هذا فلا يجيبه، فأصنامهم كذلك.

ولما كان دعاءهم" منحصرا في الباطل، قال في موضع "وما دعاؤهم" مظهرا تعميما وتعليقا للحكم بالوصف: وما دعاء الكافرين [ ص: 302 ] أي الساترين لما دلت عليه أنوار عقولهم بمعبوداتهم أو غيرها إلا في ضلال لأنه لا يجد لهم نفعا، أما معبوداتهم فلا تضر ولا تنفع، وأما الله فلا يجيبهم لتضييعهم الأساس.

التالي السابق


الخدمات العلمية