صفحة جزء
ثم بينوا سبب وجوب التوكل بقولهم: وما أي وأي شيء لنا في ألا نتوكل على الله أي ذي الجلال والإكرام "و" الحال أنه " قد هدانا سبلنا " فبين لنا كل ما نأتي وما نذر، فلا محيص لنا عن شيء من ذلك، فلنفعلن جميع أوامره، ولننتهين عن جميع مناهيه "ولنصبرن" أكدوا لإنكار أن يصبر الرسول - مع وحدته - على أذاهم مع كثرتهم وقوتهم "على ما" وعبر بالماضي إشارة إلى أنهم عفوا عن أذاهم [ ص: 396 ] في الماضي فلا يجازونهم به، فهو استجلاب إلى توبة أولئك المؤذين، وعدلوا عن المضارع لأنهم ينتظرون أمر الله [في الاستقبال فقد يأمرهم] بالجهاد وقد يأمرهم بالصبر، فقال: آذيتمونا أي في ذلك الذي أمرنا به كائنا فيه ما كان لأنا توكلنا على الله ونحن لا نتهمه في قضائه وعلى الله أي الذي له جميع صفات الكمال وحده فليتوكل المتوكلون الذين علموا من أنفسهم العجز سواء كانوا مؤمنين أو لا، فوكلوا أمرا من أمورهم إلى غيرهم ليكفيهم إياه، فإنه محيط العلم كامل القدرة، وكل من عداه عاجز، والصبر مفتاح الفرج، ومطلع الخيرات المطلق من الكرب، [والحق] لا بد وأن يصير غالبا قاهرا، والباطل لا بد وأن يصير مغلوبا مقهورا وإن طال الابتلاء.

التالي السابق


الخدمات العلمية