صفحة جزء
فلما ثبت بهذا كمال قدرته؛ وكانت آثار القدرة لا تكون محكمة إلا بالعلم؛ قال (تعالى): ولقد علمنا ؛ أي: بما لنا من الإحاطة المعجزة؛ المستقدمين منكم ؛ وهم من قضينا بموته أولا؛ فيكون في موته كأنه يسارع إلى التقدم [ ص: 41 ] إليه؛ وإن كان هو - وكل من أهله - مجتهدا بالعلاج في تأخيره؛ ولقد علمنا ؛ بعظمتنا؛ المستأخرين ؛ أي: الذين نمد في أعمارهم؛ فنؤخر موتهم حتى يكونوا كأنهم يسابقون إلى ذلك؛ وإن عالجوا الموت بشرب سم؛ وغيره؛ أو عالجه لهم غيرهم بضربهم بالسيف؛ أو غيره؛ فعرف بذلك قطعا أن الفاعل واحد مختار؛ وكذا كل متقدم ومتأخر؛ في وصف من الأوصاف غير الموت؛ والمعنى على الأول: فنحن لا نميت أحدا قبل أجله؛ فلا تستعجلونا بالوعيد؛ وتهيؤوا لدفاعه إن كنتم رجالا؛ فإنه لا بد أن يأتي؛ لأنه لا يبدل القول لدي.

التالي السابق


الخدمات العلمية