صفحة جزء
ولما كانت الأسفار بعد ذلك؛ تلاه بقوله (تعالى): وتحمل ؛ أي: الأنعام؛ أثقالكم ؛ أي: أمتعتكم؛ مع المشقة؛ إلى بلد ؛ أي: غير بلدكم؛ أردتم السفر إليه؛ لم تكونوا ؛ أي: كونا أنتم مجبولون عليه؛ قادرين على حملها إليه؛ وتبلغكم - بحملها لكم - إلى بلد لم تكونوا بالغيه ؛ بغير الإبل؛ إلا بشق ؛ أي: بجهد؛ ومشقة؛ وكلفة الأنفس ؛ ويجوز أن يكون المعنى: لم تبلغوه بها؛ فكيف لو لم تكن موجودة؟ و"الشق": أحد نصفي الشيء؛ كأنه كناية عن ذهاب نصف القوة؛ لما يلحق من الجهد; والآية من الاحتباك: ذكر حمل الأثقال أولا؛ دليلا على حمل الأنفس ثانيا؛ وذكر مشقة البلوغ ثانيا دليلا على مشقة الحمل أولا.

ولما كان هذا كله من الإحسان في التربية؛ ولا يسخره للضعيف إلا البليغ في الرحمة؛ وكان من الناس من له من أعماله سبب لرضا ربه؛ ومنهم من أعماله كلها فاسدة؛ [ ص: 110 ] قال: إن ربكم ؛ أي: الموجد لكم؛ والمحسن إليكم؛ لرءوف ؛ أي: بليغ الرحمة لمن يتوسل إليه بما يرضيه؛ رحيم ؛ أي: بليغ الرحمة؛ بسبب؛ وبغير سبب.

التالي السابق


الخدمات العلمية