ولما هددهم بإشراكهم المستلزم لكفر النعمة؛ أتبعه عجبا آخر من أمرهم؛ فقال - عاطفا على قوله (تعالى): 
وأقسموا بالله جهد أيمانهم  -:  
[ ص: 182 ] ويجعلون ؛ أي: على سبيل التكرير؛ 
لما لا يعلمون ؛ مما يعبدونه من الأصنام؛ وغيرها؛ لكونه في حيز العدم في نفسه؛ وعدما محضا بما وصفوه به - كما قال (تعالى): 
أم تنبئونه بما لا يعلم  -؛ 
نصيبا مما رزقناهم ؛ بما لنا من العظمة؛ من الحرث؛ والأنعام؛ وغير ذلك؛ تقربا إليها؛ كما مضى شرحه في "الأنعام"؛ ولك أن تعطفه - وهو أقرب - على "يشركون"؛ فيكون داخلا في حيز "إذا"؛ أي: فاجؤوا مقابلة نعمته في الإنجاء بالإشراك؛ والتقرب برزقه إلى ما الجهل به خير من العلم به؛ لأنه عدم؛ لأنه لا قدرة له؛ ولا نفع في المقام الذي أقاموه فيه; ثم التفت إليهم التفاتا مؤذنا بما يستحق على هذا الفعل من الغضب؛ فقال (تعالى): 
تالله ؛ أي: الملك الأعظم؛ 
لتسألن ؛ يوم الجمع؛ 
عما كنتم ؛ أي: كونا هو في جبلاتكم؛ 
تفترون ؛ أي: تتعمدون في الدنيا من هذا الكذب؛ سؤال توبيخ؛ وهو الذي لا جواب لصاحبه إلا بما فيه فضيحته.