ولما أثبت أن شأنه (تعالى) فعل ذلك؛ وأمثاله؛ من التفضيل؛ والتحويل؛ على حسب علمه؛ وقدرته؛ ثبت بغير شبهة أن لا مفزع إلا إليه؛ فأمره - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - تحقيقا لذلك أن يأمرهم بما يظهر به عجز شركائهم؛ ردا عليهم في قولهم: لسنا بأهل لعبادته استقلالا؛ فنحن نعبد بعض المقربين؛ ليشفع لنا عنده؛ فقال (تعالى):
قل ادعوا الذين ؛ وأشار إلى ضعف عقولهم؛ وعدم تثبتهم؛ بالتعبير بالزعم؛ فقال (تعالى):
زعمتم ؛ أنهم آلهة; وبين سفول رتبتهم بقوله (تعالى):
من دونه ؛ أي: من سواه؛ كالملائكة؛
وعزير؛ والمسيح؛ والأصنام؛ ليجلبوا لكم خيرا؛ أو يدفعوا عنكم ضرا؛
فلا ؛ أي: فإن دعوتموهم؛ أو لم تدعوهم؛ فإنهم لا
يملكون كشف الضر ؛ أي: البؤس الذي من شأنه أن يرض الجسم كله؛
عنكم ؛ حتى لا يدعوا شيئا منه؛
ولا تحويلا ؛ له من حالة إلى ما هو أخف منها؛ فضلا عن أن يبدلوه بحالة حسنة؛ أو يحولوه إلى عدوكم؛ والآية نحو قوله (تعالى):
فما تستطيعون [ ص: 450 ] صرفا ولا نصرا ؛ فكيف يتخذ أحد منهم دوني وكيلا؟ قالوا: وسبب نزولها شكوى
قريش إلى النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - ما نزل بهم من القحط؛ حين دعا عليهم بسبع كسبع
يوسف - عليه السلام -؛ ولم ينصب "يملكون"؛ لئلا يظن أن النفي مسبب عن الدعاء؛ فيتقيد به.