ولما بين أنه لا ضر لهم؛ ولا نفع؛ بين أنهم يتسابقون إلى القرب إليه؛ رجاء أن ينفعهم؛ وخوف أن يضرهم؛ فقال (تعالى): 
أولئك ؛ أي: الذين أعلوا مراتبهم بالإقبال على طاعة الله؛ وكان المشركون يعلون مراتبهم بتألههم؛ وعبر عن ذلك واصفا للمبتدإ بقوله (تعالى): 
الذين يدعون ؛ أي: يدعوهم الكفار؛ ويتألهونهم; ثم أخبر عن المبتدإ بقوله (تعالى): 
يبتغون ؛ أي: يطلبون طلبا عظيما؛ 
إلى ربهم ؛ المحسن إليهم؛ وحده؛ 
الوسيلة ؛ أي: المنزلة؛ والدرجة؛ والقربة؛ بالأعمال الصالحة؛ 
أيهم أقرب ؛ أي: يتسابقون بالأعمال؛ مسابقة من يطلب كل منهم أن يكون إليه أقرب؛ ولديه أفضل؛ 
ويرجون رحمته ؛ رغبة فيما عنده؛ 
ويخافون عذابه ؛ تعظيما لجنابه؛ المكلف منهم؛ كالملائكة؛ والمسيح؛ وعزير؛ بالفعل؛ وغيرهم؛ كالأصنام؛ بالقوة؛ من حيث إنه قادر  
[ ص: 451 ] على أن يخلق فيها قوة الإدراك؛ للطاعة؛ والعذاب؛ فتكون كذلك؛ فالعابدون لهم أجدر بأن يعبدوه؛ ويبتغوا إليه الوسيلة; وروى 
 nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري؛  في التفسير؛ عن 
عبد الله   - رضي الله عنه -؛ 
إلى ربهم الوسيلة ؛ قال: "كان ناس من الإنس يعبدون ناسا من الجن؛ فأسلم الجن؛ وتمسك هؤلاء بدينهم"؛ ثم علل خوفهم بأمر عام؛ فقال (تعالى): 
إن عذاب ربك ؛ أي: المحسن إليك برفع انتقام الاستئصال منه عن أمتك؛ 
كان ؛ أي: كونا ملازما له؛ 
محذورا ؛ أي: جديرا بأن يحذر؛ لكل أحد؛ من ملك مقرب؛ ونبي مرسل؛ فضلا عن غيرهم؛ لما شوهد من إهلاكه للقرون؛ ومن صنائعه العظيمة.