صفحة جزء
ولما كان دعاؤها إلى الزهد فيها والإعراض عنها جملة والاستدلال بها على تمام علم صانعها وشمول قدرته على إعادة الخلائق كما ابتدأهم وغير ذلك خفيا، لكونه مستورا عن العقول بهوى النفوس، نبه عليه بقوله تعالى: وإنا لجاعلون أي بما لنا من العظمة ثابت لنا هذا الوصف دائما ما عليها من جميع تلك الزينة لا يصعب علينا شيء منه صعيدا أي ترابا بأن نهلك تلك الزينة بإزالة اخضرارها فيزول المانع من استيلاء التراب عليها ثم نسلط عليها الشموس والرياح فيردها بذلك إلى أصلها ترابا جرزا أي يابسا لا ينبت شيئا بطبعه، وكذا نفعل بمن سبب تسليط البلاء عليه من الحيوان آدميا كان أو غيره سواء. ولما كان من المشاهد إعادة النبات بإذن الله تعالى بإنزال الماء عليه إلى الصورة النباتية التي هي الدليل على إحياء الموتى مرة بعد مرة ما دامت [ ص: 15 ] الأرض موجودة على هذه الصورة، طوي ذكر ذلك سترا لهذا البرهان المنير عن الأغبياء المشغولين بالظواهر، علما منه سبحانه بظهوره لأولي البصائر.

التالي السابق


الخدمات العلمية