صفحة جزء
فلما وصل إلى هذا الحد من البيان، كان كأنه قيل: ماذا كان جوابه؟ فقيل: قال مقابلا لذلك الأدب العظيم والحكمة البالغة [ ص: 207 ] الناشئة عن لطافة العلم بغاية الفظاظة الباعث عليها كثافة الجهل، منكرا عليه في جميع ما قال بإنكار ما بعثه عليه من تحقير آلهته: أراغب قدم الخبر لشدة عنايته والتعجيب من تلك الرغبة والإنكار لها، إشارة إلى أنه لا يفعلها أحد; ثم صرح له بالمواجهة بالغلظة فقال: أنت وقال: عن آلهتي بإضافتها إلى نفسه فقط، إشارة إلى مبالغته في تعظيمها; والرغبة عن الشيء: تركه عمدا. ثم ناداه باسمه لا بلفظ البنوة المذكر بالشفقة والعطف زيادة في الإشارة إلى المقاطعة وتوابعها فقال: يا إبراهيم ثم استأنف قوله مقسما: لئن لم تنته عما أنت عليه لأرجمنك أي لأقتلنك، فإن ذلك جزاء المخالفة في الدين، فاحذرني ولا تتعرض لذلك مني وانته واهجرني أي ابعد عني مليا أي زمانا طويلا [لأجل ما صدر منك هذا الكلام -]، وفي ذلك تسلية لرسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم وتأسية فيما كان يلقى من الأذى، ويقاسي من قومه من العناء، ومن عمه أبي لهب من الشدائد والبلايا - بأعظم آبائه وأقربهم به شبها

التالي السابق


الخدمات العلمية