1. الرئيسية
  2. نظم الدرر في تناسب الآيات والسور
  3. سورة طه
  4. قوله تعالى ولا تمدن عينيك إلى ما متعنا به أزواجا منهم زهرة الحياة الدنيا لنفتنهم فيه ورزق ربك خير وأبقى
صفحة جزء
[ولما كانت النفس ميالة إلى الدنايا، مرهونة بالحاضر من فاني العطايا، وكان تخليها عن ذلك هو الموصل إلى حريتها المؤذن بعلو همتها، قال مؤكدا إيذانا بصعوبة ذلك -]: ولا تمدن مؤكدا له بالنون الثقيلة عينيك أي لا تطول نظرهما بعد النظرة الأولى المعفو عنها قاصدا للاستحسان إلى ما متعنا به بما لنا من العظمة التي لا ينقصها تعظم أعدائنا به في هذه الحياة الفانية أزواجا أي أصنافا متشاكلين منهم أي من الكفرة زهرة أي تمتيع [ ص: 370 ] الحياة الدنيا لا ينتفعون به في الآخرة لعدم صرفهم له في أوامر الله، فهو مصدر من المعنى مثل جلست قعودا، ثم علل تمتيعهم بقوله تعالى: لنفتنهم فيه أي لنفعل بهم فعل المختبر، فيكون سبب عذابهم في الدنيا بالعيش الضنك لما مضى، وفي الآخرة بالعذاب الأليم، فصورته تغر من لم يتأمل معناها حق التأمل، فما أنت فيه خير مما هم فيه ورزق ربك الذي عود به أولياءه - وهو في دار السفر- الكفاف الطيب المقرون بالتوفيق خير من زهرتهم، لأنه يكفي ولا يطغي وزادك ما يدني إلى جنابه فيعلي وأبقى فإنه وفقك لصرفه في الطاعة فكتب لك من أجره ما توفاه يوم الحاجة على وجه لا يمكن أحدا من الخلق حصره، وتكون الدنيا كلها فضلا عما في أيديهم [أقل من قطرة -] بالنسبة إلى بحره، وإضافة رزقه دون رزقهم إليه سبحانه - وإن كان الكل منه - للتشريف، وفي التعبير بالرب إيذان بالحل، وفيه إشارة إلى ظهوره عليهم وحياته بعدهم كما هو الشأن في الصالحين والطالحين.

التالي السابق


الخدمات العلمية