1. الرئيسية
  2. نظم الدرر في تناسب الآيات والسور
  3. سورة الأنبياء
  4. قوله تعالى وذا النون إذ ذهب مغاضبا فظن أن لن نقدر عليه فنادى في الظلمات أن لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين
صفحة جزء
ثم أتبعهم من هو أغرب حالا منهم [ ص: 465 ] في الحفظ [فقال -]: وذا النون أي اذكره إذ ذهب مغاضبا أي على هيئة الغاضب لقومه بالهجرة عنهم، ولربه بالخروج عنهم دون الانتظار لإذن خاص منه بالهجرة، وروي [عن الحسن -] أن معنى فظن أن لن نقدر عليه أن لن نعاقبه بهذا الذنب، أي ظن أنا نفعل معه فعل من لا يقدر، وهو تعبير عن اللازم بالملزوم مثل التعبير عن العقوبة بالغضب، وعن الإحسان بالرحمة وفي أمثاله كثرة، فهو أحسن الأقوال وأقومها - رواه البيهقي في كتاب الأسماء والصفات عن قتادة عنه وعن مجاهد مثله وأسند من غير طريق عن ابن عباس رضي الله عنهما معناه، و[كذا -] قال الأصبهاني [عنه -] أن معناه: لن نقضي عليه بالعقوبة، وأنه قال أيضا ما معناه: فظن أن لن نضيق عليه الخروج، من القدر الذي معناه الضيق، لا من القدرة، ومنه فقدر عليه رزقه وروى البيهقي أيضا عن الفراء أن نقدر بمعنى نقدر - مشددا - ونحكم، وأنشد عن ابن الأنباري عن أبي صخر الهذلي :


ولا عائدا ذاك الزمان الذي مضى تباركت ما نقدر يقع [و -] لك الشكر

فنادى أي فاقتضت حكمتنا أن عاتبناه حتى استسلم فألقى نفسه في البحر فالتقمه الحوت وغاص به إلى قرار البحر ومنعناه من أن يكون [ ص: 466 ] له طعاما، فنادى في الظلمات من بطن الحوت [الذي -] في أسفل البحر في الليل، فهي ظلمات ثلاث - نقله ابن كثير عن ابن مسعود وابن عباس وغيرهما رضي الله عنهم. أن لا إله إلا أنت

ولما نزهه عن الشريك عم فقال: سبحانك أي تنزهت عن كل نقص، فلا يقدر على الإنجاء من مثل ما أنا فيه غيرك; ثم أفصح بطلب الخلاص بقوله ناسبا إلى نفسه من النقص ما نزه الله عن مثله: إني كنت أي كونا كبيرا من الظالمين أي في خروجي من بين قومي قبل الإذن، فاعف عني كما هي شيمة القادرين، ولذلك قال تعالى مسببا عن دعائه:

التالي السابق


الخدمات العلمية