صفحة جزء
ولما كان الإحسان جالبا للإنسان، من غير نظر إلى مورده، لأن القلوب جبلت على حب من أحسن إليها، بين أن ما قيل في جانب النفع إنما هو على سبيل الفرض فقال: يدعو ولما كان ما فرض أولا فيما عبر عنه ب "ما" قد يكون غير عاقل، فيكون ما صدر منه لعدمه [ ص: 20 ] العقل، أزال هذا الإبهام بقوله: لمن أي زاعما أن من ضره ولو بعبادته الموجبة لأعظم الشقاء أقرب من نفعه الذي يتوقع منه - إله.

ولما كانت الولاية الكاملة لا تنبغي إلا لمن يكون توقع النفع منه والضر على حد سواء، لقدرته على كل منهما باختياره، وكان العشير لا يصلح إلا إن كان مأمون العاقبة، وكان هذا المدعو إن نظر إليه في جانب الضر وجد غير قادر عليه، أو في جانب النفع فكذلك، وإن فرض توقع نفعه أو ضره كان خوف ضره أقرب من رجاء نفعه، استحق غاية الذم فلذلك استأنف تعالى وصفه بقوله معبرا في ذمه بالأداة الموضوعة لمجامع الذم: لبئس المولى لكونه ليس مرجو النفع كما هو مخشي الضر ولبئس العشير لكونه ليس مأمون الضر فهو غير صالح لولاية ولا لعشرة بوجه.

التالي السابق


الخدمات العلمية