صفحة جزء
ولما دل على نصر أوليائه، وقسر أعدائه، بشهادة تلك القرى، وختم بالتعجيب من استعجالهم مع ما شاهدوا من إهلاك أمثالهم، وأعلمهم ما هو عليه من الأناة، واتساع العظمة، وكبر المقدار، عطف على فكأين محذرا من نكاله، بعد طويل إمهاله، قوله: وكأين من قرية أي من أهلها أمليت لها أي أمهلتها كما أمهلتكم وهي ظالمة كظلمكم بالاستعجال وغيره ثم أخذتها أي بالعذاب وإلي المصير بانقطاع كل حكم دون حكمي، كما كان مني البدء، فلم يقدر أحد أن يمنع من خلق ما أردت خلقه، ولا أن يخلق ما لم أرد خلقه، فلا تغتروا بالإمهال، وإن تمادت الأيام والليالي، واحذروا عواقب الوبال، وإن بلغتم ما أردتم من الآمال، ولعله إنما طوى ذكر البدء، لأنه احتجب فيه بالأسباب فغلب فيه اسمه الباطن، ولذلك ضل في هذه الدار أكثر الخلق وقوفا مع الأسباب.

التالي السابق


الخدمات العلمية